Site icon أوطان بوست

منال حسنة تكتب لأوطان بوست “أما حان موعد العودة” ؟

منال حسنة تكتب لأوطان بوست “أما حان موعد العودة” ؟

أوطان بوست – رأي

أما حان موعد العودة !؟

وأي عودة ! أهي عودة المغترب الذي قاسى في الغربة ما قاساه و نكر أصله , أو أنه حق عودة النازح إلى وطنه الأم بعد أن أرغمته الحرب أن ينسـ.ـلخ عنه بعنف

أو أنها عودة الإبن الضال الذي ترك حضن والديه و ارتمى في خطايا الدنيا التي لا ترحم.

كلها قضايا  شغلت الطبقات السياسية, والإقتصادية و الإجتماعية,  و لكن العودة التي أتكلم عنها هي عودة الإنسان إلى ذاته الأولى التي شد الرحال عنها

منذ أن بدأت الحياة تمارس صعوبتها عليه, فظن أنه عبر التكنولوجيا سيتمكن من التغـلب على أي شيء يواجهه 

نظراً لفضل التكنولوجيا في توظيف المعارف العلمية لتحقيق حاجات الإنسان و رغباته, و قدرتها في تطوير المجتمع

وخلق قنوات تواصل واسعة و متشابكة, تسمح بسرعة الإتصال و إنتقال المعلومة .

وبالرغم من نجاح التكنولوجيا في بناء جسر التواصل بين الفرد و المجتمع غير أنها فشـ.ـلت في مد جسر بين الإنسان و ذاته

فحولته إلى سـ.ـجين عالم إفتراضي يعيش فيه حياة غير واقعية و يتواصل مع أفراد غير واقعيين و يستمتع بطعام يقاس مذاقه بحسب دقة الجهاز الذي التقت به الصورة.

نجد الفرد  متعلقاً  بشاشة صغيرة ليتجسـ.ـس على نجاحات الآخرين ،و يلوم الحظ و الظروف فنمت بداخله صفة الفضول

والنميمة و أصبح يلتفت يمنة و يسرة, محدقاً و حاقداً على كل من استطاع تخطي حواجز اليأس و طرق باب النجاح بجدارة.

 برأيه أن هذا النجاح وليدٌ لضربة حظ بحتة , فيعود للإلتفات يمنة و يسرة باحثاً عن ذلك الحظ المزعوم ولم يعلم أن تصرفه سيحوله إلى غزال هارب

أما حان موعد العودة

أفقده الإلتفات إلى الوراء السيطرة على سرعته فوقع فـ.ريسة الأسد , فلو إستجاب الغزال لنداء الطبيعة الذي بداخله لما شتتت إنتباهه مهارات الأسد.

فكما يصيد الأسد الغزال يصيد اليأس الإنسان  و يحكم براثنه عليه فيقطع  خيط الوصل بينه و بين ذاته فيرسخ في فكره أن الحظ هو الحل

فينسلخ الفرد عن واقعه و مثابرته و سعيه, لينغرس أمام لوحة مفاتيح إلكترونية يفرح عبرها برسالة نصية و يحزن بمنشور

ويعبر عن إعجابه بكبسة زر و يسأل عن غرباء تعرف عليهم عبر صورة , و يغرق في مهاترات لا شأن له بها, والنتيجة إهدار

وقته دون أي إنجاز سوى جلوسه الطويل أمام تلك الشاشة الصغيرة التي أصبحت نافذته على العالم

فنسي وسط زحمة أفكار الآخرين أن يناقش أفكار ذاته و يواسيها في كربها

فيعيش عزلة مشرعة في عالم التكنولوجيا  الذي قدم له عالما إفتراضيا و رسم له حياة جميلة في فقاعة هواء.

لا يمكننا أن نزج كل ما سبق في خانة سيئات التكنولوجيا  لأن هناك أمور تتآلف و تتكاتف لتعطي  النتيجة عينها  حتى قبل الثورة التكنولوجية

ولكن أحببت أن ألقي الضوء على ما يرتكبه الإنسان بحق ذاته في عصرنا  هذا  بسبب تصرفات يومية بسيطة لن يدركها سوى العاقل المتفائل الذي يستغل إيجابياتها ليعلم من أين تؤكل الكتف.

ونسأل هنا.. أما حان موعد العودة من ذلك العالم الإفتراضي إلى الواقع ليلتقي الفرد بذاته

وليحقق ما فشل غيره في تحقيقه و أن لا ينظر بحسرة إلى ما حققه غيره بنجاح؟!

أما حان موعد العودة لنتمكن من تقدير ذاتنا و إستفتاء قلوبنا في عالم سيطر عليه العنف و المادة ؟!

أما حان موعد العودة إلى ذاتنا التي تفرق بين الخطأ و الصح بعيداً  عن المعايير المزيفة ؟!

فلو عاد الإنسان لذاته لاستفاقت الإنسانية , وعاد النازح إلى وطنه , و لاستفاق ضمير  الحاكم و استطاع أن يبنى وطناً حاضناً لمواطنيه, و لاستقام الإبن الضال ….أما حان موعد العودة ؟!

Exit mobile version