لا يمكن احتـقار معتقدات الآخرين .. سويسرا تلقن ماكرون درساً قوياً في “حرية التعبير”

لا يمكن احتـقار معتقدات الآخرين .. سويسرا تلقن ماكرون درساً قوياً في “حرية التعبير”
أوطان بوست – فريق التحرير
في الوقت الذي تواصل فيه فرنسا دفاعها المستميت عن ما تعتبره “حرية تعبير”، حتى ولو أدت إلى إهـ.ـانة الآخرين ومقدساتهم، وتحاجج بحريات لا تخضع لحدود، مهما كانت.
اختارت جارتها سويسرا أن تخبر مواطنيها بعكس ذلك، وأن تعلمهم بأن حرية التعبير لا يمكن أن تسمح بالتجديف واحتـ.ـقار معتقدات الآخرين.
فقد سقط أحد المقترحات التي قدمها عضو في حزب الخضر الليبرالي من أجل إلغاء مادة تتعلق بالتجديف وإزدراء الأديان.

وسقط هذا المقترح أمام البرلمان السويسري الاتحادي وبضـ.ـربة ساحقة، حيث صوت ضده 115 عضوا، مقابل 48 عضوا توافقوا معه.
وجاءت خطوة البرلمان السويسري في وقت حرج للغاية بالنسبة لفرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون، الذي ملأ الدنيا ضجيجا بالنموذج الفرنسي لحرية التعبير.
وبوجوب الذهاب في طريق حرية التعبير إلى المدى الأقصى، حتى ولو أدى ذلك إلى ازدراء الجميع، وتحقيرهم والسـ.ـخرية من معتقداتهم.
الخبر المتداول في عدة تقارير للإعلام السويسري والفرنسي، لم يحظ –وللمفارقة- بتغطية في الإعلام العربي.
والذي يتداول قصة الرسوم الافترائية على مدار الساعة تقريبا.. رغم ما حملته الخطوة السويسرية من دلالات عميقة.
أولها أنها أتت في هذا التوقيت الذي تمور أوروبا بنقاش عميق وواسع حول حدود حرية التعبير، وحول أحقية أو عدم أحقية الأديان بأن تكون خارج إطار السخرية والتجديف.
أما الدلالة الثانية، فإن سويسرا، جارة فرنسا، بلد متقدم في ميدان حماية الحريات، ورمز من رموز “العلمانية”، وهي فوق ذلك مثال عالمي لـ”السلام” والتعايش والرفاه.
ومن هنا لا تستطيع باريس أن تجد مدخلا لنقد الخطوة التي أقدم عليها البرلمان السويسري حين أسقط مقترحا لإلغاء تجـ.ـريم ازدراء الأديان.
وهكذا تكون الديمقراطية السويسرية قد سددت ضـ.ـربة، وإن كانت غير مباشرة، لمشروع “ماكرون” المتمثل في إباحة ازدراء المعتقدات وإطلاقه من عقاله.
ومحاولة تحريض الحكومات الأوروبية على اتباعه، تحت غطاء احترام حرية التعبير والالتزام بالقيم الأوروبية.
المادة “261” التي حاول بعض أعضاء البرلمان السويسري إسقـ.ـاطها من القانون، ولكن اقتراحهم رفض بأغلبية ساحقة..
مادة لا تشدد فقط على حماية “التعايش السلمي” بين جميع الأديان، بل تنص على الحق في احترام المعتقدات الدينية.
ويعاقب القانون السويسري كل من يقدم على “الاستهزاء بقناعات الآخرين في مسائل الإيمان، ولا سيما الإيمان بالإله”.