أبرز 5 أزمات بين أنقرة وواشنطن في عهد ترامب .. وهكذا تنظر تركيا لفوز بايدن.. هل يختلف عن كلينتون وأوباما؟
أوطان بوست – متابعات فريق التحرير
شكلت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، إحدى أجندات السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته (أربع سنوات) وتميزت ما بين مد وجزر.
وعلى الرغم من أن العديد من الخبراء تحدثوا بأن العلاقات بين البلدين سارت باتجاه معين بفضل الصداقة الشخصية التي تطورت بين الرئيس أردوغان، ونظيره دونالد ترامب.
إلا أنها شهدت في بعض الأحيان أسـ.ـوأ اللحظات في التاريخ خلال السنوات الأربع، وفيما يلي نستعرض لكم أبرز الأحداث الهامة التي حدثت بين واشنطن وأنقرة، خلال رئاسة دونالد ترامب لأربع سنوات.
أولا: شراء تركيا منظومة “أس400” الروسية
وكانت منظومة “أس400” الروسية التي اقتنتها أنقرة من موسكو، إحدى الأجندات المهمة للعلاقات التركية الأمريكية في عهد ترامب.
وقررت تركيا عام 2017، شراء منظومة “أس400” من روسيا، بعد تعثر جهودها المطولة في شراء أنظمة الدفاع الجوية (باتريوت) من الولايات المتحدة.
وتسلمت تركيا الدفعة الأولى من “أس400” الروسية في تموز/ يوليو 2019، ما لاقى ردود فعل أمريكية حادة وصلت لتهـ.ـديد بفرض عقـ.ـوبات على أنقرة.
وكانت التهـ.ـديدات الأمريكية في البداية تتحدث عن فرض عقـ.ـوبات على تركيا في حال اشترت المنظومة الروسية، ولكن بعد وصول “أس400” تحولت التهـ.ـديدات لفرض العقـ.ـوبات في حال قيام أنقرة بتفعيلها.
وعلى الرغم من أن واشنطن طلبت عدم تنشيط “أس400″، إلا أن المنظومة المسببة للأزمة بين البلدين تم تفعيلها واختبارها قبل فترة وجيزة من الانتخابات الأمريكية.
وبينما كان الكونغرس الأمريكي يعد عقـ.ـوبات “كاتسا” على تركيا بسبب منظومة “أس400″، لم يتم تسليم الطائرات المقـ.ـاتلة “أف35” التي اشترتها تركيا من الولايات المتحدة.
وبالتزامن مع استلام تركيا الأجزاء الأولى من منظومة “أس400” في يوليو/تموز 2019 علقت الولايات المتحدة شراكة تركيا في مشروع “أف35”.
ورغم القرار ما زالت الشركات التركية تواصل عملها في عملية الإنتاج، وفي تموز/ يوليو 2020، أعلن “البنتاغون”، أن الشركات التركية ستواصل حتى نهاية العام 2022 عملية إنتاج بعض أجزاء المقـ.ـاتلة “أف35”.
بعدما سبق وأن قال إن عمل تلك الشركات سينتهي مع نهاية العام الجاري.
ورغم إقرار الكونغرس الأمريكي لعقـ.ـوبات “كاتسا” على تركيا، إلا أن ترامب لم يقم بتفعيلها، لكن التهـ.ـديدات الأمريكية ما زالت قائمة بفرض العقوبات في حال تفعيل المنظومة الصاروخية.
ثانيا: أزمـ.ـة القس الأمريكي أندرو برونسون
كان احتجاز تركيا للقس الأمريكي أندرو برونسون، أحد أخـ.ـطر محطات توتـ.ـر العلاقات بين واشنطن وأنقرة ليس في عهد ترامب فحسب، بل في تاريخ العلاقات بين البلدين.
وكانت قضية برونسون الذي اعتـ.ـقلته تركيا في كانون الأول/ ديسمبر 2016، بتهـ.ـمة التعاون مع منظمة “غولن” المتـ.ـهمة بمحاولة الانقلاب في تركيا في تموز/ يوليو 2016، ومنظمة العمال الكردستاني واحدة من أولويات ترامب خلال فترة رئاسته.
وكانت القضية على طاولة المباحثات بين أردوغان وترامب في أيار/ مايو 2017، حيث طالب الرئيس الأمريكي بالإفراج عنه.
وفي أيلول/ سبتمبر، اقترح أردوغان أن تسلم السلطات الأمريكية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة، مقابل القس برونسون.
وتصاعدت حدة التـ.ـوتر بين تركيا والولايات المتحدة، في نيسان/ أبريل وأيار/ مايو 2018، بسبب قضية القس برونسون، لتدخل العلاقات منحنى تصعيديا خطيـ.ـرا، واكبها تهـ.ـديدات من ترامب بتدمير الاقتصاد التركي.
وبسبب رفض السلطات التركية في ذلك الوقت ترحيل برونسون، قال ترامب: “يدعون (تركيا) أنه (القس الأمريكي) جاسوس، ولكن أنا جاسوس أكثر منه”.
وبعد تبادل في التصريحات بين أنقرة وواشنطن من جهة، والمفاوضات من جهة أخرى، وضعت تركيا في 25 تموز/ يوليو 2018 القس الأمريكي برونسون تحت الإقامة الجبرية بعد الإفراج عنه من السجن.
ورغم إخراج برونسون من السجن، زادت حدة التـ.ـوتر بين أنقرة وواشنطن، وجاءت التهـ.ـديدات من مايك بينس نائب الرئيس الأمريكي، وترامب على التوالي.
وفي 26 تموز/ يوليو 2018، هدد ترامب بفرض عقـ.ـوبات واسعة على تركيا، فيما قال بينس: “أطلـ.ـقوا سراح برونسون فورا، أو كونوا مستعدين لعـ.ـواقب وخيمة”.
وجاءت أول العقـ.ـوبات الأمريكية في 1 أب/ أغسطس 2018، فقد قرر البيت الأبيض تجميد أصول وزير الداخلية سليمان صويلو، ووزير العدل عبد الله غل، وتقييد دخولهما إلى الولايات المتحدة.
وفي 13 أب/ أغسطس 2018، جاءت دفعة العقـ.ـوبات الثانية، فقد أعلن ترامب مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمونيوم التركية، فيما ردت أنقرة بالمثل.
وتسببت العقـ.ـوبات المعلنة على التوالي بالتأثير على الاقتصاد والأسواق التركية، وشهدت العملة المحلية انهـ.ـيارا حادا أمام الدولار الأمريكي.
وانتهت أزمـ.ـة برونسون، بعد رفع الإقامة الجبرية المفروضة عليه في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، ليعود القس الأمريكي إلى الولايات المتحدة وسط حفاوة أمريكية.
الأزمة الثالثة: قضية “بنك خلق” التركي
وتعد قضية “بنك خلق” من القضايا التي كانت على جدول الأعمال في العلاقات التركية الأمريكية خلال عهد ترامب، والتي ما زالت مستمرة.
واتهم الإدعاء العام الأمريكي رضا ضراب وهو مواطن تركي من أصل إيراني بانتـ.ـهاكه العقوبات الأمريكية على إيران من خلال “بنك خلق”، والذي وافق ليكون شاهدا بالقضية بعد ذلك.
وحكمت محكمة أمريكية في أيار/ مايو 2018، على محمد هكان أتيلا، مساعد المدير العام السابق لمصرف “بنك خلق” التركي، بالسجن 32 شهرا بسبب القـ.ـضية.
وأثيرت القضية الشائكة مرات عدة بين الرئيسين الأمريكي والتركي، وزعم جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق للبيت الأبيض في كتابه، أن “أردوغان أرسل مذكرة في أيار/ مايو 2018 إلى ترامب.
أشار فيها إلى أن تحقيقا يجري مع البنك من مكتب الإدعاء العام للمنطقة الجنوبية من نيويورك لانتـ.ـهاكها العقـ.ـوبات ضد إيران وأن البنك التركي بريء.
ليرد عليه ترامب أنه سيتعامل مع المسألة، وأن المدعين العامين في المنطقة الجنوبية ليسوا رجاله، بل هم رجال أوباما، وأن المشـ.ـكلة ستحل عندما يحل محلهم رجاله”.
وزعم تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” أن ترامب عمل لفترة طويلة لإيقاف الدعوى ضد البنك التركي بناء على طلب تركيا.
الأزمـ.ـة الرابعة: العملية التركية في سوريا ورسالة ترامب لأردوغان
وكانت العملية التركية في شمال شرق سوريا في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، إحدى القضايا الهامة التي كادت أن تفجر أزمة حادة بين واشنطن وأنقرة في عهد ترامب.
وبالبداية أعلنت تركيا التي نفذت عمليات “درع الفرات” و”غصن الزيتون” في المناطق الواقعة غرب منبج السورية.
وأن المناطق الواقعة شرقها والتي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية المدعـ.ـومة من الولايات المتحدة لا يمكنها البقاء على حالها، وأنها ستتخذ عملية عسكرية في المنطقة.
وكانت المكالمة الهاتفية التي جرت في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2018 بين أردوغان وترامب واحدة من المحطات التي ميزت العلاقات التركية الأمريكية خلال عهد ترامب.
وذكرت وسائل إعلام أمريكية، أن أردوغان أقنع ترامب بالاتصال الهاتفي بينهما، بالانسـ.ـحاب من سوريا.
فيما أعلن الرئيس الأمريكي في تغريدة له على حسابه في “تويتر”: “إن أردوغان أبلغه بأنه سوف يقضي على ما تبقى من داعش في سوريا .
وهو الرجل الذي يستطيع فعل ذلك، وتركيا مجاورة لسوريا (..) إن القوات الأمريكية سوف تعود للوطن”.
وقال ترامب، إنه وقّع مرسوما يقضي بالانسـ.ـحاب من سوريا، لكن الأمر لم يتم بالشكل الحرفي الذي أعلنه.
وبعد عملية طويلة من المباحثات، قررت تركيا تنفيذ عملية “نبع السلام” شرق منبج السورية، وكانت رسالة ترامب لأردوغان في يوم العملية التركية، محطة تاريخية جديدة في تدهور العلاقات بين واشنطن وأنقرة.
وخاطب ترامب أردوغان في رسالته، حينها قائلا: “لنعمل على صفقة جيدة، لا تكن أحمق”، محذرا الرئيس التركي في لغة أثارت صدمة قائلا: “لا تكن شخصا قويا”.
لافتا إلى أن “التاريخ سينظر إليك إيجابيا إذا حققت الأمر بصورة صحيحة وإنسانية”، محذرا إياه في الو قت ذاته من أن التاريخ سينظر إليه “إلى الأبد كالشيطان إذا لم تحصل أمور جيدة”.
وأضاف ترامب في الرسالة التي كشفت عنها أولا قناة “فوكس بيزنس” الأمريكية: “لا تخيب ظن العالم” لافتا إلى أن الأكراد مستعدون للتفاوض ومستعدون لتقديم “تنازلات ما كانوا ليقدموها في الماضي”.
وشملت رسالة ترامب، تهديدا مباشرا لتركيا، بتدمير الاقتصاد التركي، فيما كان الرد التركي على الرسالة بتنفيذ العملية العسكرية شمال شرق الفرات بسوريا.
الأزمة الخامسة: تسـ.ـليح الولايات المتحدة للوحدات الكردية المسـ.ـلحة
عندما بدأت الحـ.ـرب الأهلية في سوريا، كان أوباما يقود البيت الأبيض، وأجريت الانتخابات الأمريكية مرتين، وكانت التوازنات في سوريا قد تغيرت مرات عدة، أبرزها الدور التركي هناك.
وأثرت الحـ.ـرب الأهلية في سوريا، على العلاقات بين تركيا التي سعت للحفاظ على حدودها، والولايات المتحدة التي وقفت في صف الوحدات الكردية المسـ.ـلحة بشكل جلي.
واستمرت سياسة واشنطن في دعم “وحدات حماية الشعب” في سوريا، والتي بدأت في عهد أوباما، خلال حقبة ترامب.
وأرسلت إليها شاحنات مليئة بالأسـ.ـلحة الثقيلة والذخـ.ـيرة، ودربت عناصر المنظمة الكردية، ما تسبب في توتر بين الولايات المتحدة وتركيا.
وقد أثيرت هذه القضـ.ـية في كل اجتماع رفيع المستوى بين الجانبين خلال فترة ولاية الـ4 سنوات.
ولكن لم يغير أي من الطرفين سياسته بشأنها، فيما عاودت تركيا التهـ.ـديد بشن عملية عسكرية جديدة ضد المنظمة الكردية شمال سوريا من جديد.
كيف تنظر تركيا لفوز بايدن.. هل يختلف عن كلينتون وأوباما؟
قرأ محللون أتراك، إمكانية انعكاس فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، على العلاقات بين أنقرة وواشنطن، مؤكدين على أنها لن تكون أفضل حال من السابق.
وقال الكاتب التركي، عبد القادر سيلفي، في مقال على صحيفة “حرييت”، وترجمته “عربي21″، إن تصريحات بايدن بالشأن الداخلي التركي.
وإبداء الدعم للمعارضة المناهضة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نجم عنها ردود أفعال قاسية، وزاد الانـ.ـزعاج أضعافا لأن بايدن كان نائب الرئيس الأمريكي خلال محاولة الانقلاب بتركيا في تموز/ يوليو 2016.
وأضاف أنه “زاد الطين بلة” بتصريحاته، بأنه سيفرض عقـ.ـوبات على تركيا بسبب المنظومة الصـ.ـاروخـ.ـية “أس400”.
وذكّر الكاتب التركي، بأن الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون تمكن من حل أزمـ.ـة جزيرة “كاراداك” بين أنقرة وأثينا.
كما أنه كان له دور فعال في عملية تسليم زعيم منظمة العمال الكردستاني عبد الله أوجلان لتركيا.
ولفت إلى أن العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة كانت إيجابية للغاية في فترة الرئاسة الأولى لباراك أوباما، وقد كان الرئيس أردوغان الزعيم الذي التقاه أكثر من غيره بذلك الوقت.
وأشار سيلفي إلى أنهم كانوا سعداء عندما انتخب أوباما لولاية ثانية، ولكن المثير بأن العلاقات بين أنقرة وواشنطن انقلبت في تلك الفترة عن تميزها في ولايته الأولى.
وأضاف أن تركيا تعرضت لمحاولة انقلاب 15 تموز/ يوليو مع قرب رحيل أوباما عن البيت الأبيض، وكانت الولايات المتحدة تقف خلفه.
ونوه إلى أن تركيا كانت مستاءة عندما فاز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تبنى خطاب كراهـ.ـية الإسلام.
ولكن ولايته تميزت بعلاقات قوية من خلال أردوغان، وصلت لإعاقة فرض عقـ.ـوبات بسبب “أس400″ و”بنك خلق”.
واستدرك أنه لا يمكن نسيان أن قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وقيادة عمليات التطبيع بين الاحـ.ـتلال ودول عربية أيضا كانت بإشرافه.
وأكد أنه إذا فاز ترامب أو بايدن، المهم في الأمر هي المصالح التركية، لافتا إلى أن أنقرة تتابع الانتخابات الأمريكية عن كثب مثل الانتخابات التركية.
ولفت إلى أن أنقرة قامت بدراسة سيناريوهات في حال فوز أو خـ.ـسارة بايدن أو ترامب، وسط تفاؤل حذر.
من جهته لم يستبعد الكاتب التركي، محرم ساريكايا، في مقال على صحيفة “خبر ترك” وترجمته “عربي21″، أنه لن يتم الحصول على نتائج الانتخابات الأمريكية لفترة أطول عن السابق.
ولفت إلى أنه وبالنظر لأنقرة، فلن تحصل تغييرات كثيرة بالعلاقات إذا تمكن ترامب من الاستمرار في منصبه، لكن التـ.ـوترات في منطقة الشرق الأوسط ستستمر وتتزايد.
وأضاف أن الكثيرين في تركيا يتفقون أن فوز بايدن المحتمل قد ينجم عنه مشاكل أكبر مع تركيا عما كانت عليه في عهد ترامب.
ونوه إلى أن ترامب بعد توليه منصبه، أبعد العديد من الشخصيات في وحدات الشؤون الخارجية والاستخبارات كانت تمثل مشكلة بالنسبة لتركيا، وكانوا يعملون ضمن فريق بايدن الذي إن فاز فستكون العلاقات مع أنقرة أكثر سوءا.
وأشار إلى أن بايدن على دراية جيدة بتركيا، ويعرف تماما كيف يقود مسار العلاقات معها، ولكن بالمحصلة، فإنها ليست دولة من الدول الصغيرة في أفريقيا أو العالم.
وأكد أن بايدن لا يمكنه تجاهل ثقل تركيا الجيوسياسي، وأن لديها ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي “الناتو” لاسيما في هذا الوقت “الذي تم فيه إعادة ترتيب الأحجار في شرق البحر الأبيض المتوسط”.
وأوضح أنه بالتأكيد سيكون هناك خلافات بشأن “أس400” وقضية “بنك خلق” وشرق المتوسط والأكراد في سوريا.
ولكن لا ينبغي نسيان أن أوباما قال إنه سيكون أول رئيس يعترف بما يسمى الإبادة الجماعية للأرمن خلال فترة دعايته الأولى، لكنه لم يتخذ أي خطوات في هذا الاتجاه.
ولفت إلى أن السنوات الأولى لكلينتون وأباما، تميّزت بعلاقات جيدة بين واشنطن وأنقرة، وعليه من سيفوز لن يجلب الربيع بالنهاية لتركيا، مذكرا أنه لا صداقات ولا عداوات دائمة بين البلدان لأن لغة المصالح هي التي تغلب.