رأي

مجاهد ديرانية يكتب .. سؤال الثورة الأكبر في عيدها التاسع

أوطان بوست – رأي

السؤال الأول والأكبر الذي يبحث عن جوابه كتّابُ الثورة ومؤرّخوها هو: هل كان قرار الثورة قراراً صائباً كما يقول أهل الثورة، أم كان مجازفة غيرَ محسوبة كما يزعم حزب “كنّا عايشين”؟

على أنه سؤال جدلي لا تترتب عليه نتيجة، فإن كان قرار الثورة صواباً لن نجد من نشكره عليه، وإن كان خطأ لن نجد من نلومه بسببه، لأن أحداً لا يعلم كيف بدأت الثورة ومَن يتحمل مسؤولية إطـ.ـلاقها.

نعم، بدأت الحكايةُ بخربشة أطفال درعا على الحيطان ثم خرج مئات الأحرار في أولى المظاهرات، لكن مَن الذي دفع الأطفال إلى الكتابة ومن أخرج الآخرين إلى الطرقات؟

مجاهد مأمون ديرانية / صورة من الإنترنت

كلما تأملنا ازددنا يقيناً بأن إرادة ربّانية كانت وراء تحريك الثورة ابتداء، وأن رعاية ربانية كانت خلف ثباتها واستمرارها رغم التحـ.ـديات والصـ.ـعوبات والمـ.ـعوّقات.

لقد وُجد ألفُ سبب لتُـ.ـهزَم هذه الثورة وتمـ.ـوت ووُجدت خمسة أسباب لتنجح في البقاء، وانتصرت الخمسة على الألف، كيف؟ إنها المعجزة التي أعْيَتْ أهل العصر فلم يجدوا جوابها، وستُعجز كتّاب التاريخ ولن يجدوا لها الجواب.

رغم ذلك يبقى السؤال ضرورياً من باب المراجعة، من باب “محاكمة الثورة” في عيدها التاسع: أكانت الثورة صواباً يُشكر عليه كل من كان سبباً فيه، أم خطـ.ـأ يُلام عليه كل من تورط فيه؟

يقول أعضاء حزب “كنا عايشين” إننا كنا عايشين، وهذا صحيح بمقاييس الأنعام لا بمقياس البشر، فالبهائم وحدها هي التي تكتفي بالأكل والشرب والسفاد، أما الإنسان فإن له أشواقاً روحية ورغبات نفسية وحاجات فكرية تجعله إنساناً مختلفاً عن الحيوان، وقد كانت الاستجابة لتلك الأشواق والرغبات والحاجات جـ.ـرائـ.ـمَ في قانون نظام الاحتلال الأسدي الطائـ.ـفي، جـ.ـرائـ.ـم يستحق مرتكبوها أفظع الويلات وأشـ.ـد العـ.ـقوبات.

كان القانون غير المعلَن لذلك النظام الآثم: اخلع كرامتك وتجرد من إنسانيتك ثم ادخل في قفص الاستـ.ـعباد الأكبر الذي كان اسمه ذات يوم سوريا، فانسَ أنك إنسان وعش فيها ذليلاً أسيراً كسيراً بلا كرامة ولا لسان، أو مُتْ وحيداً في المعـ.ـتقلات أو شريداً في المغترَبات.

النتيجة التي نصل إليها: لو كان تفـ.ـجـ.ـير الثورة في سوريا جريـ.ـمة فإنها سوف تسجَّل حتماً ضد مجهول، ولكنها في الحقيقة ليست كذلك، بل هي واجب شرعي ووطني وأخلاقي لا مفر منه، فما كان لأهل سوريا أن يرضَوا بحياة الذلة والاستـ.ـعباد، ولا أن يسمحوا بأن تنتقل هذه الـ.ـذلة والعبـ.ـودية إلى الأولاد والأحفاد وأن تتسلسل في الأعـ.ـقاب بلا نهاية، وما كان لهذا النظام المـ.ـجـ.ـرم أن يتنازل طوعاً عن استبـ.ـداده، ولا كانت طائفـ.ـته لتتنازل بإرادتها عن تحكّمها في أكثرية سكان البلاد.

ما كان لشيء من هذا أن يأتي على طبق من فضة ولا على طبق من ذهب، إنما تنـ.ـتزع الحرية والكرامة من هذا النظام قسـ.ـراً بالثورة التي تروّيها الـ.ـدمـ.ـاء والتضـ.ـحيات.

فشكراً لكم يا أطفال درعا، يا من كنتم في ذلك اليوم الخالد أطفالاً وصرتم اليوم في جملة الرجال، وشكراً لكم يا طـ.ـلائع الثوار الأحرار، يا من كنتم قلّة قليلة ثم غدوتم الكثرة الكاثرة من السوريين.

والحمد لله من قبلُ ومن بعد، الحمد له على ما قدّر وعلى ما اختار، ونسأله عز وجل وتبارك أن يقصر المحنة ويقرب الفرج، وأن يعين أهل سوريا على طول الطريق وأن يكلل صبرهم وجهادهم بالنصر الكامل وبالحرية والاستقلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً