Site icon أوطان بوست

مراجعة كتاب النسق القرآني ومشروع الإنسان للدكتور جاسم سلطان

أوطان بوست – كتب – سارة غلاييني

تُعرف مؤلفات د. جاسم سلطان ومحاضراته بترتيبها المنطقي والمنهجي المتناسق. والكتاب الذي نتناوله اليوم لا يختلف عن باقي المؤلفات من حيث تنظيم أفكاره وتسلسلها المنطقي. وبالرغم من أنه كتاب صغير يضم 95 صفحة فقط إلا أنه يحتوي على معلومات عميقة جداً قد تحتاج لقراءتها أكثر من مرة لتستخلص معناها.

عنوان الكتاب الكامل هو “النسق القرآني ومشروع الإنسان : قراءة قيمية راشدة” وأهم ما يميزه هو محاولة الكاتب استنباط نسق قِيَمي متكامل من آيات القرآن الكريم التي تفوق 6 آلاف آية.

يتألف الكتاب من مقدمة يشرح فيها الكاتب الهدف من الكتاب، ويُبين فيها الكاتب الزاوية التي من خلالها يقرأ آيات القرآن وهي زاوية القيم الكبرى التي تضبط الحياة البشرية وتقودها إلى الفعل الحضاري الإنساني. ويُضيف الكاتب تمهيداً يشرح فيه مفهوم القيم، والنسق، والفرق بين الدين والتدين.

ثُم يقسم محتوى الكتاب إلى ستة فصول؛ يتناول في الفصل الأول قصة الخلق التي من خلالها يفهم الإنسان منزلته في هذا الوجود. وفي الفصل الثاني، ومن خلال سورة الفاتحة، يشرح د. سلطان مهمة الإنسان في هذا العالم.

ولكي يستطيع الإنسان من القيام بمهمته في هذا الكون وُفق منزلته فيه فهو بحاجة لفهم ثلاثة أبعاد أساسية في حياته وهي الإيمان والصلاة والإنفاق وهو ما تكلم عنه الكاتب في الفصل الثالث. ويأتي بعد ذلك ولكن بنفس الأهمية بُعد العمل الصالح الذي من خلاله يعمر الإنسان الأرض، وهذا محور الفصل الرابع.

وبشكل منطقي ينتقل الكاتب بالقارئ من الدائرة الضيقة إلى الدائرة الأوسع التي يحتاج فيها لفهم النسق الكلي للعيش البشري (محور الفصل الخامس)، ومن ثم يفصل في الدوائر الثلاث المشتبكة: العقائد، التقريرات العامة، والحقوق) التي يحتاج القارئ أن يفهمها ليتمكن من التعايش السليم في مجتمعه، وهو ما تكلم عنه في الفصل السادس.

يختم د. سلطان كتابه بخاتمة يذكر فيها أهم عناصر النسق القرآني التي من خلالها يُحقق الإنسان غاية وجوده في هذا الكون ويُحقق الانسجام بين عقيدته السليمة والتعايش المتفاعل مع مجتمعه.

الكتاب قيّم للغاية لأنه يُبدد الشكوك التي تدور في عقل المسلم المعاصر وهو يواجه الخطابات الإسلامية المتناقضة. فهو يقدّم قاعدة أساسية مستوحاة من آيات القرآن الكريم يستطيع المسلم من خلال هذه القاعدة أن يبني توجهاته في حياته اليومية وفي أهدافه المستقبلية.

ويساعد أسلوب الكاتب السهل والرسوم التوضيحية الموجودة في الكتاب على فهم العلاقات المنطقية بين أفكار الكتاب وفصوله.

وأختم هذا التقرير كما ختم الكاتب كتابه: “المجتمع القوي هو وليد البر، والقسط، والتعاقد، والوفاء بالعهود، والعمل الصالح الشامل لكل أوجه الحياة. والنتيجة بعد ذلك فلاح الدنيا وفلاح الآخرة: “اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة”.

Exit mobile version