الراحل ميشيل كيلو .. مابين نضال السنين ووصية الرحيل
أوطان بوست – فريق التحرير
نعـ.ـى رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة “أنس العبدة”، المعارض السوري البارز “ميشيل كيلو”، بعد وفاته اليوم الاثنين إثر مضاعفات فايروس كورونا.
وجاء ذلك في سلسلة تغريدات له، عبر حسابه الشخصي في تويتر، رصدها موقع “أوطان بوست”.
وقال العبدة: إن وفاة كيلو اليوم، حدث صادم لجميع السوريين، وخسـ.ـارة كببرة للثورة السورية، ولميادين النضال في الربيع السوري.
وأضاف: لقد فقدت سوريا رجلاً مناضلاً ومكافحاً، ومدافعاً عن الحق بصوته وقلمه الذي لم يتوقف، وبكل جوارحه.
وأشار العبدة إلى أن الراحل كان إنساناً بقلم التاريخ، فلقد نقل كل معاناة ومأساة الشعب السوري، وأوجاعه وجراحه ومطالبه المتمثلة بالحرية والعدالة والكرامة.
وأوضح أن كتابات كيلو جسدت أدق التفاصيل في الثورة، وخلٌَدت حكاياتها، وحولتها إلى أمرٍ واقع في المنابر الدولية.
ولفت إلى أنه كان مدرسةً في الأمل والتفاؤل بانتصار القضية السورية، ولن ييأس إطلاقاً، بل كان مؤمناً بانتصار الثورة والشعب السوري ولو بعد حين.
وأردف العبدة حديثه بأن الراحل كان خلوقاً، ويناقش بكل حب وبساطة، حتى أن رسائله الصوتية كانت تنتشر انتشار النار في الهشيم.
وتابع قوله: لقد كان فقيدنا قريباً من الجميع، حتى أنه عندما كان يحدث أحداً، يشعر الآخر بأنه يجلس أمامه دون فوارق أو تمييز.
ونوه العبدة إلى أن رحلة الحرية والكرامة، التي كان يخوصها كيلو لن تنتهي بوفاته، لأنها رحلة يشترك فيها جميع السوريين.
وأوضح أن صوت وحلم الراحل، سيبقى مرافقاً لكل ثائر، وسيخلد في قلوبنا، ولن تنسى كتب تاريخنا أن تتحدث عن نضاله وكفاحه وصموده.
واختتم العبدة تغريداته قائلاً: إنه المناضل ميشيل كيلو لم ييأس يوماً، ولم يشعر بأن للثورة تاريخ تنتهي عنده
لأن كان واثقاً بأنها لن تنتهي إلا بتحقيق الحرية والكرامة وجميع مطالبها.
وكان المعارض ميشيل كيلو قد توفي اليوم الاثنين 19 أبريل، في العاصمة الفرنسية باريس، بعد صراع مع فايروس كورونا استمر أكثر من 15 يوماً.
ماقبل الرحيل
تداول السوريون وصية كتبها الراحل كيلو قبل نحو أسبوعين من وفاته، أثناء خضوعه للعلاج من فيروس “كورونا” في إحدى مشافي العاصمة الفرنسية باريس.
وجاء في الوصية، “إلى الشعب السوري الذي أعتز به، وأنتمي إليه.. إلى شابات سوريا وشبابها
أمل المستقبل: هذه نصائح صادرة من قلبي، وعن تجربتي، وعن أملي بمستقبل أفضل لكل السوريين”.
وقال كيلو: “لن يحرّركم أي هدف غير الحرية فتمسّكوا بها وإياكم التخلي عنها، لأن فيها وحدها مصرع الاستبداد والاضطهاد والظلم.
وأضاف: لا تنظروا إلى شعبكم ووطنكم من خلال أهوائكم وأيديولوجياتكم وهوياتكم، الآنية والضيقة والسطحية، بل انظروا إلى ذلك كله، من خلال شعبكم ووطنكم.
وأردف قائلاً: لن تقهروا الاستبداد وتنتصروا عليه وأنتم منفردين أو متفرقين.، لن تقهروه إذا لم تتّحدوا في إطار وطني، وعلى كلمة واحدة.
وأشار إلى أهمية الوحدة على رؤية وطنية جامعة وشاملة، رؤية غير هوياتية، وغير أيدولوجية، ففي وحدتكم خلاصكم.
ونوه إلى ضرورة التدبر بالوحدة ورص الصف الوطني، للتغلب على كل الحساسيات والعصبيات والحسابات الشخصية والفئوية، مهما كان نوعها، أو تصنيفها.
واستهل الراحل وصيته قائلاً: كي تصبحوا شعباً واحداً، يا بنات شعبنا وأبناءه، اعتمدوا على معايير وطنية حقيقية وصادقة، وانبذوا العقليات الضدّية، والثأرية.
وأكد أن المجتمعات لا تصبح مجتمعات وفقا لذلك، وإنما من خلال عقد اجتماعي، واضح، ومحدد، يساوي بين كل المواطنين أمام القانون
ويحفظ حقوقهم وحرياتهم وكراماتهم. هذا ما حاول النظام منعه طيلة سنوات حكمه.
وأضاف كيلو: حتى تصبحوا شعباً واحداً عليكم محاربة وخلغ نظام الأسد المستبد والمنتهك للحريات، فناضلوا ضده في سبيل ذلك، مهما كان الثمن غالياً.
ودعا الراحل الشعب السوري، إلى الالتفاف حول أصحاب الفكر والمعرفة والمواقف النبيلة
وعدم النظر إلى المصالح الخاصة على أنها متناقضة مع العامة، لأنها جزء لا يتجزأ منها.
وتقدم كيلو للمرأة السورية بالتقدير والعرفان، واصفاً إياها بالشُجاعة والنبيلة والصابرة، على الرغم من كل المحن على مدى عشرة أعوام.
ونوه الراحل في وصيته، إلى أن الكفاح الفلسطيني والسوري واحد، فكلاهما يناضل ضد الاستبداد، ولأجل الكرامة.
واختتم وصيته بقوله: إنوالثورة لم تحقق أهدافها وانتثارها، بسبب مشكلات وارتهانات داخلية، وقد دفع السوريين ثمناً باهظاً على مدى سنوات.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الأسد وحلفائه من الروس والإيرانيين لم ولن ينتصروا، فلتبقوا متمسكين بالثوابت الثورية
حتى النيل من المطالب التي خرجما لأجلها.
ميشيل كيلو ونضال السنين
شغل الراحل ميشيل كيلو منصب رئيس مركز حريات للدفاع عن حرية الرأي والتعبير في سورية، وكان ناشطاً في لجان إحياء المجتمع المدني.
وشارك في صياغة إعلان دمشق عام 2005، وعمل كعضو في الحزب الشيوعي السوري
إضافة لمساهمته بترجمة عدداً من كتب الفكر السياسي أبرزها: كتاب إعادة الإنناج، والإمبريالية، ولغة السياسة وغيرها الكثير.
تعرض الراحل للاعتقال في أكثر من مناسبة، ففب مطله السبعينيات اعتقله نظام حافظ الأسد
وبقي داخل السجون لأسهر عدة، ومن ثم خرج وسافر إلى فرنسا، واستقر فيها حتى نهاية الثمانينات.
وفي عام 2006، عاد نظام بشار الأسد لتكرار سيناريو والده، واعتقل كيلو بتهمٍ مختلفة، منها إضعاف الشعور القومي والنيل من هيبة الدولة وإثارة النعرات المذهبية.
إلا أن البعض رجٌَح السبب المباشر لاعتقاله، توقيعه مع مجموعة من النشطاء، لإعلان بيروت_دمشق عام 2006
وهذا ما نفه في مقالة له، كتبها في سجنه، تحدث فيها عن قصة اعتقاله.
فكتب الرتحل في تلك الأثناء: الآن وبعد سبعة أشهر من اعتقالي، أسأل نفسي هل سبب سجني هو إعلان دمشق_بيروت، بالطبع لا وهذه قناعتي.
وأضاف: إذا كان هناك من يريد الانتقام مني، فإنني أتفهم موقفه وإن لم أقبله
مع رجاء أوجهه إليه هو أن يمتنع عن وضعه تحت حيثية القانون والقضاء، كي لا يقوض القليل الذي بقي لهما من مكانة ودور.
وفي عام 2007, حكم قضاء الأسد عليه بالسجن لمدة ثلاثة أعوام بعد إدانته بنشر أخبار كاذبة
وإضعاف الشعور القومي والتحريض على التفرقة الطائفية، ليُطلق سراحه في عام 2009, بعد انتهاء فترة حكمه.
خمسون عاماً عاشها الراحل ميشيل كيلو، من النضال والكفاح ضد نظام حافظ الأسد ومن ثم بشار، ولم ييأس بوماً.
خمسون عاماً سيخلدها التاريخ بكل تفاصيلها، وسيقدسها الثائر السوري ضد الاستبداد، لتحقيق حريته التي كرٌَس كيلو لأجلها حياته.