كيف سرق القرامطة الحجر الأسود من مكة ومن استرده منهم بعد 22 عاماً ؟
أوطان بوست – فريق التحرير
ضعفت الدولة العباسية، وتفككت إلى دويلات متعددة، ولعلٌ أبرز ما أشغلها عن حكمها، الحرب مع ما يسمى بثورة الزنوج.
تلك العوامل والمعطيات، استغلها القرامطة لصالحهم، وبدأت أولى محاولاتهم حينها، لفرض السيطرة على الأرض، والاستيلاء على ما أمكن من النفوذ.
حيث عملوا على نشر الفساد في الأرض، وتمكنوا من السيطرة على مناطق الجزيرة العربية، واستولوا على مافيها من مقدرات وخيرات.
وعمل القرامطة حينها على عرقلة طرق الوافدين إلى الحج، حتى أنهم ارتكبوا مجازر متعددة بحق حجاج بيت الله الحرام.
اعتداءات القرامطة، ومهاجمتهم بشكل دائم للحجاج، دفع أهل الشام للتوقف عن أداء فريضة الحج، خوفاً من أن يصبهم أذى.
لم يذكر اسم القرامطة، إلا وذكر بجانبه مصطلح الإجرام، واستباحة الأموال، واغتصاب النساء، وقتل الرجال، وغير ذلك الكثير.
سرقة الحجر الأسود من مكة المكرمة
يروي ابن كثير، في سنة 317 للهجرة، أعطى المدعو أبوطاهر القرمطي، الأوامر لجماعته بمداهمة مكة، من أجل سرقة الحجر الأسود.
ووفقاً للرواية، فإن أبوطاهر عندما دخل مكة، وقام بخلع الحجر، جاء إليه رجلاً، يدافع عن الحجر، وبهاجم القرمطي بسبب فعلته.
فبادر الأخير إلى توبيخه وضربه، وقال مستخفاً بقدرة الله: أين هي الطير الأبابيل ؟ .. أين الحجارة من سجيل ؟.
ثم اقتلع الحجر، وذهب به إلى بلاده، وبقي بحوزة القرمطي، نحو 22 عاماً، بحسب ما قال ابن كثير في روايته.
حاول أمير مكة، استرداد الحجر، حتى أنه ذهب إلى القرمطي، وتوسل إليه مراراً وتكراراً ودفع له أموالاً طائلة مقابل استرداده.
ولكن بعد أن يئس أمير مكة، وأيقن أن الكلام لا جدوى منه، قرر قتال القرمطي، وهذا ما حدث فعلاً.
إلا أن الأخير انتصر، وتمكن من قتل أمير مكة وغالبية أهل بيته وجنوده، ونال من الحجر، وأموال الحجيج أيضاً.
استرداد الحجر الأسود
بذلت كلاً من الدولة العباسية والفاطمية، جهوداً حثيثة، ومارست ضغوطات كثيرة على القرامطة، لإجبارهم على إعادة الحجر الأسود إلى مكانه.
إضافةً إلى أن خلفاء الدولتين، قدموا للقرامطة عرضاً مالياً، قدره 50 ألف دينار، مقابل إعادة الحجر، ولكن دون جدوى.
وبحسب رواية ابن سنان، فقد تلقى القرامطة عروضاً مالية ضخمة ومتعددة، لإعادة الحجر، إلا أنهم رفضوها بشكل قطعي.
وفي سنة 339 للهجرة، وافقوا على إعادته إلى مكانه، على خلفية التهديدات التي تلقوها حينها، من المهدي العلوي الفاطمي.
ويحكي أن رجل قرمطي، يدعى سنبر، هو من حمل الحجر، الذي تم أخذه أيضاً إلى مسجد الكوفة، قبل إعادته لمكة.
وجاء في إحدى الروايات، أن شقيق أبوطاهر القرمطي، كتب رسالة ورد فيها”أخذنا الحجر بقدرة الله، وأعدناه لمكة بمشيئة الله”.
أصول القرامطة
بعد وفاة الإمام السادس للشيعة “جعفر الصادق”، ضربت الانشقاقات الكيان الشيعي، وعصفت الخلافات فيه، حول تسمية الإمام السابع لهم.
فقد اعتبر جعفر بن موسى إماماً سابعاً، وهم ما يعرفوف في الوقت الراهن، بإسم “الاثني عشرية”.
ونسبة قليلة من الشيعة، اعتبرت اسماعيل بن جعفر، هو الإمام السابع، إلا أن جماعات الاثني عشرية، يشكلون النسبة العظمى.
ومن هنا انقسمت الشيعة إلى قسمين، أما الأول فهم الاثني عشرية، والثاني يمثلونه جماعات الإمام اسماعيل، المعروفين بالاسماعيلية.
وقاد حمدان قرمط، الدعوة الاسماعيلية في العراق، حيث نجح في جذب الكثير من الناس، إلى ذلك المذهب الشيعي في البلاد.
تمكن قرمط من فسح المجال أمام هذا المذهب، والتوسع أكثر فأكثر، ليصل شمال ووسط بلاد فارس، والمغرب واليمن.
وفي سنة 899 للهجرة، أعلن الخليفة الفاطمي عبدالله المهدي، أنه الإمام الحادي عشر للمسلمين، ومن سلالة محمد بن اسماعيل.
وقام المهدي حينها بنشر الدعوة بإسمه، عوضاً عن مهدية محمد بن اسماعيل، الأمر الذي رفصه حمدان قرمط، ولم يعترف به.
وتشبث قرمط وجماعته بدينه الشيعي، ولم يمكث لدعوة المهدي، ومن هنا عرفوا بالقرامطة، الذين صنفهم المؤرخون كملة كفر شيعية.