جذور الأزمة بين “الكنة والحماية” .. موقع أمريكي يؤصل الصـ.ـراع بين أنيسة مخلوف وأسماء الأسد

جذور الأزمة بين “الكنة والحماية” .. موقع أمريكي يؤصل الصـ.ـراع بين أنيسة مخلوف وأسماء الأسد
أوطان بوست – وكالات
نشر موقع “دايلي بيست” الأمريكي مقالاً مطولاً، تناول فيه أساس الصـ.ـراع بين “أسماء الأسد” زوجة بشار من جهة، وأنيسة مخلوف والدة بشار الأسد، من جهة أخرى.
في سوريا كان هناك دائماً تشكيك في التغطية الدولية الكثيفة لأسماء الأسد وقبل الحـ.ـرب كانت “أسماء” تفتقر إلى أي صلة حقيقية بالمواطنين العاديين.
وكان من الواضح أن النظام الذي قاده زوجها “بشار” مصمم على خدمة طبقة قليلة من النخبة، ولم تكن “أسماء” مثالاً لتلك الطبقة بل كانت مشكلة.

هكذا رأت أم زوجها الأمور
نشأت “أنيسة مخلوف” زوجة حافظ الأسد في محيط ريفي متواضع ضِمن الطائفة العلوية كفلاحين حتى استيلاء حافظ الأسد على السلطة في عام 1970.
بعد وفاة حافظ عام 2000 ورئاسة بشار أصبحت أنيسة قوة في حد ذاتها ولم تكن تثق بزوجة ابنها صاحبة الجنسية البريطانية، واستخدمت نفوذها لتهميش دور “أسماء” العام.
لكن الأم “أنيسة” تُوفِّيت في شباط/ فبراير 2016 عن عمر يناهز 86 عامًا، ومنذ ذلك الحين ارتفع نجم “أسماء” التي تبلغ من العمر 44 عاماً فقط، مما أدى إلى بناء قاعدة قوة مستقلة لنفسها ولعائلتها المباشرة متحدية الآخرين من عائلة الأسد.
في السابق اعتقد الكثيرون في الغرب أن أسماء يمكن أن تساعد في كبح الرأسمالية في سوريا، لكن زوجة بشار أثبتت أنها تتمتع بمهارات عالية -في الواقع مهارات مذهلة- في تشغيل المجموعات المتنافسة لمصلحتها الخاصة.
إن كره “أنيسة مخلوف” لزوجة ابنها ينبع من قلة ثقتها بابنها “بشار” المعروف بكونه وديعاً وقليل التقدير مع عدم القدرة الواضحة على التواصل مع الناس حتى بالعين، ولم يُجهَّز قط لدور رئيس بل قام والده بتجهيز أخيه الأكبر الجذاب والوسيم “باسل” كوريث له، لكن باسل توفي في حادث سيارة عام 1994.
إقرأ أيضاً: عبد المسيح الشامي ينقلب على بشار الأسد ويطالب بإسقاطه ويدعو إلى “عهد جديد” (فيديو)
في الفيلم الوثائقي لبي بي سي (سلالة خطـ.ـيرة: عائلة الأسد) قال مدرس بريطاني استأجرته العائلة لتعليم اللغة الإنجليزية لباسل “التقيت “بشار” ذات مرة وهو في طريقه إلى المنزل، وعندما تكلم لم يكن يستخدم التواصل البصري لقد كان ينظر إلى يدي إلى حد ما، وتمسك بيديه، وأتذكر أنني فكرت أن اختيار الأب لباسل كخلف له كان اختياراً موفَّقاً”.
بعد وفاة “باسل” دفعت “أنيسة حافظ” لاختيار الأخ الأصغر لبشار “ماهر” ، ليأخذ مكان باسل كرئيس جديد لسوريا، لكن حافظ كان يرى “ماهر” على أنه متهور وعرضة للعنف.
ويقال: إن شقيق بشار الآخر “ماجد” كان مدمناً على الهيروين ويعاني من إعاقة عقلية ولا يمكن الوثوق به.
بعد وفاة حافظ عام 2000 وتعيين بشار رئيساً استخدمت “أنيسة” نفوذها لتقوية مركز أقاربها الآخرين ليصبحوا مراكز قوة حقيقية داخل سوريا بحيث تعمل حول بشار وليس من خلاله.
ووسع شقيق أنيسة “محمد مخلوف” وأولاده “حافظ” و”عياد” و”رامي” ، الذين كانوا بالفعل شخصيات بارزة داخل النظام، نفوذهم بشكل كبير ابتداء من عام 2000 بعد تعيين بشار.
في ذلك العام أسس “رامي مخلوف” -وأصبح الرئيس التنفيذي- شركة سيريتل، وهي واحدة من شركتَيْ اتصالات فقط في سوريا تسيطر على 70٪ من السوق المحلية.
في نهاية المطاف، يبني مخلوف ووالده محمد إمبراطورية تجارية ضخمة وقيمة صافية تقدر بـ 5 مليارات دولار، بينما يمارس حافظ وإياد مخلوف هيمنة متزايدة على أجهزة أمن الدولة وفي الوقت نفسه بقيت “أسماء” على الهامش إلى حد كبير.
على مر السنين .. منافسات داخل منافسات
قال “إياد عيسى” الصحفي السوري المعارض “قبل الثورة لم يكن رقباء النظام يسمحون لنا كصحافيين بالإشارة إلى أسماء على أنها” السيدة الأولى “على عكس أنيسة والدة بشار التي كانت تعرف دائمًا” بالسيدة الأولى “في عهد الأب حافظ”.
على مر السنين تطورت الخصومات داخل المنافسات ورأى ماهر الأسد محمد مخلوف الذي يرأس شركة الفرات للنفط السورية على أنه تهديد لسيطرته الفعلية على الموارد البترولية في دير الزور.
ويطور “مخلوف” أيضًا روابط وثيقة بشكل متزايد مع الحزب السوري القومي الاجتماعي (SSNP) وهو حزب سياسي علماني قومي متطـ.ـرف تأسس في عام 1932.
ونقلت رسائل البريد الإلكتروني المخترقة التي نُشرت في عام 2012 عن أسماء قولها: “أنا الديكتاتور الحقيقي”.
إن الغالبية العظمى من السوريين هم من المسلمين السُّنة، وتعاطف أغلبهم في نهاية المطاف على مدى عقود مع “الإخوان المسلمين” أو الجماعات الإسلامية الأخرى التي سحقها الأسد.
في العقد الأول من رئاسة بشار الأسد لم تكن أسماء البريطانية والتي تعود جذورها إلى عائلات تجار سُنية من حمص ودمشق، لاعباً هاماً.
إقرأ أيضاً: ثلاثة أسباب منعت نظام الأسد من إطلاق “S-300” على الطائرات الإسرائيلية
أصدرت “Guernica37” ، وهي منظمة دولية غير حكومية معنية بحقوق الإنسان ومقرها في المملكة المتحدة بياناً صحفياً في ذلك اليوم تدعي فيه أن “مخلوف” فرّ إلى الإمارات العربية المتحدة، ولكن من غير الواضح ما إذا كان “مخلوف” موجوداً بالفعل في الإمارات العربية المتحدة أو التمس اللجوء في مكان آخر.
في اليوم نفسه داهمت وحدات الحرس الجمهوري التابعة للنظام السوري التي تسعى للقبض على مخلوف فيلته في ضواحي دمشق، وفشلت في الكشف عن مكان وجوده.
واقتحمت قوات الأمن مكاتب “سيريتل” واعتقلت 28 من كِبار المسؤولين، واعتقلت “وضاح عبد الرب” رئيس تحرير صحيفة “الوطن” واحدة من أبرز الناطقين الإعلاميين المؤيدين للنظام في سوريا، والتي يمتلكها “مخلوف” منذ عام 2006.
مع بَدْء المواجـ.ـهة أصدر “رامي مخلوف” سلسلة من الانتقـ.ـادات المذهلة للأسد ونظامه في مقطعَيْ فيديو تم تحميلهما على صفحته الشخصية على “فيسبوك” في 30 نيسان/ إبريل و 3 أيار/ مايو “هل تصدقون ذلك؟” سأل مخلوف في الفيديو الثاني: “اقتحمت الأجهزة الأمنية مكاتب رامي مخلوف، أكبر مموليها ومؤيديها، وخادمها الأكثر إيماناً”.
في نظام معروف بتنفيذ المـ.ـذابـ.ـح بالجملة لأولئك الذين يتجرؤون ضـ.ـد سلطته سببت جرأة مخلوف التي تخاطب “الرئيس” صـ.ـدمة في جميع أنحاء البلاد.
إن جوهر النـ.ـزاع هو السيـ.ـطرة على “سيريتل” وهي شراكة مشتركة بين القطاعين العامّ والخاص مملوكة للدولة، والتي يحق لها ما يقرب من 50 في المائة من أرباح الشركة بالإضافة إلى الضرائب والرسوم الحكومية الأخرى.
في 27 نيسان/ إبريل، أعلنت هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية والبريد (TPRA) السورية أن “سيريتل” وخدمة الاتصالات الأخرى الوحيدة في البلاد، “MTN” ، تدينان بشكل جماعي بـ449.65 مليون دولار لخزينة الدولة في الأرباح السنوية المطلوبة لتقاسمها مع “الدولة” أعلنت “MTN” أنها تعتزم دفع حصتها البالغة 172.9 مليون دولار ، لكن مخلوف ظل معانداً.
في كانون الأول/ ديسمبر 2019 مع تجميد العديد من أصول “رامي مخلوف”، تم تجميد أصول عم أسماء “طريف الأخرس”.
بدأت هذه المناورات في آب/ أغسطس الماضي بعد المطالب الروسية بأن يسدد النظام السوري ما بين مليارَيْ دولار و 3 مليارات دولار من القروض المستحقة في السابق، وعندها وضعت قوات أمن النظام “رامي مخلوف” تحت الإقامة الجبرية في محاولة لإجبار قطب الاتصالات على دفع الفاتورة.
إقرأ أيضاً: ماذا يقف بطريق موسكو لتحقيق نصر دبلوماسي في سوريا .. وهل تضغظ على الأسد للحصول على تنازلات ؟
في تشرين اﻷول/ أكتوبر 2019 أُعلن أيضاً أن أسماء ستنشئ شركة اتصالات ثالثة في سوريا تهدف إلى الاستحواذ على حصتها في السوق من “سيريتل”.
وأخيراً أصدرت وزارة المالية السورية أمرين منفصلين في 24 كانون الثاني/ ديسمبر و 17 آذار/ مارس لتجميد الأصول المملوكة لشركة “رامي مخلوف” آبار للخدمات البترولية التي تم استخدامها لاحقاً لسد العجز في الميزانية داخل المديرية العامة للجمارك في البلاد.
مع تدخلها الاقتصادي المكتشف حديثاً تبدو “أسماء” أكثر تركيزاً على إعداد أطفالها ليحلوا مكانهم في سلالة حزب الأسد -وهو البعث الذي استمر 50 عامًا- وغالبًا ما تنقل الشباب حافظ وزين وكريم الأسد في رحلات على الخطوط الأمامية لزيارة الجنود الجرحى وافتتاحهم مرافق جديدة من مستشفيات الأطفال إلى المدارس المبنية حديثاً للموهوبين.
لقد سئم الروس الذين أنقذوا نظام بشار على مدى السنوات الخمس الماضية من فساده وحذروا من حلفائه الإيرانيين، وربما تتخيل “أسماء” أنها ستكون منفتحة على وجوه جديدة ولو بالاسم نفسه.
بعد شفائها من السرطان، حرصت أسماء على إظهار نفسها أنها امرأة ذات لمسة ناعمة يمكن أن تشفي جروح البلاد.
ربما تعب بعض قادة العالم من المسألة السورية، وربما باتوا على استعداد للتشدق على الأقل بهذه المهزلة بعد انقضاء ما يقرب من 10 سنوات.
المصدر: دايلي بيست