شعلة لن تنطفئ حتى يبصر الحلم نوره المنتظر .. الثورة السورية تودع عامها الحادي عشر !

شعلة لن تنطفئ حتى يبصر الحلم نوره المنتظر .. الثورة السورية تودع عامها الحادي عشر !
أوطان بوست – فريق الفيديو
ها هي ثورة السوريين تودع عامها الحادي عشر، لتدخل في الثاني عشر، لكنها لم تجد بين تلك الأعوام درباً للحرية المقيدة.
بين سطور وأقلام، وما بين كل عام وعام، هناك سوري يكرر أسئلته تباعاً
خذلوها لتكون عبرة لشعوبهم أم استغلوها لتصفية حساباتهم ؟، يا ترى هل أحاطوها بالضباب الأسود ليعزلوها أم ألبسوها كسوة الإرهاب ليبيدوها ؟.
لكن الأجوبة لم تاتِ بعد، ومع كل يوم تتأخر فيه، هناك جرح غائر، وحسرة لاجئ، وصرخة ثائر لسان حالها “أنا لست إرهابياً”.
الثورة السورية وشعلة فتى درعا
في الخامس عشر من شهر مارس عام 2011, توافد أبناء محافظة درعا إلى الشوارع والساحات، معلنين انتفاضتهم ضد نظام الأسد.
انتفاضة شعلتها الطفل “حمزة الخطيب”، الذي ارتقى شهيداً تحت التعذيب في سجون الأسد، .. تعذيب كانت أدنى درجاته نزع أظافر حمزة.
وهنا أسدل الأسد الستار عن وجهه الحقيقي، وجه يظهر لك خفة الظل، لكن خلف ذلك أسطورة إجرامية بامتياز.
فأعطى الأوامر لميليشياته، من أمن وجيش وشبيحة وحفظ نظام وأفرع استخبارات، لقمع انتفاضة الحورانيين.
معتقداً أنهم مجرد فريسة يسهل اصطيادها، أو أنهم سيواجهون مصيرهم بمفردهم، دون أن تساندهم المدن الأخرى.
المفاجأة التي صفعت بشار هنا، أن اعتقاده بسيناريو الضحية اليتيمة التي يسهل افتراسها كان خاطئاً.
فهناك شعار سرعان ما أخذ صدىً واسعاً، تحت عنوان “واحد واحد واحد .. الشعب السوري واحد”، لكن من أين يخرج هذا النداء؟.
من حمص الوليد، إلى إدلب الخضراء والزيتون، ثم حماه الفداء، فحلب الشهباء، ودمشق الفيحاء، وسويداء العرب ثم بانياس وغيرها.
ملايين السوريين توافدوا إلى الساحات نصرة لدرعا، مطالبين بحرية مكبلٌة بقيود عائلة الأسد، وتحت شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”.
الثورة السورية .. ما بين قمع الأسد وخذلان الأمم
مع توسع رقعة المظاهرات السلمية في المدن والأرياف، زج بشار الأسد بجيشه وشبيحته وقوته الأمنية، لقمع المتظاهرين المتسلحين بغصن الزيتون.
فالبداية كانت بالقنابل المسيلة للدموع، ثم الرصاص الحي، معتقداً أن ذلك سيوقف غضب الثائرين.
لم يستسلم الثائر، وبالمقابل أبى النظام إلا أن يبطش بشعبه، فأخذ يقتل ويعتقل ، إلا أن دماء من قتلهم أغرقته.
نعم أغرقته .. لكن هناك من أنقذه بتصريحات شجب واهية، على لسان المجتمع الدولي.
والذي أظهر وقوفه إلى جانب الثورة، لكن ما أخفاه هو غزله للقاتل بينما المقتول لا حول ولا قوة.
المناشدات الدولية والإدانات الكاذبة والخطابات الفاضحة، كان لسان حالها يقول: “اقتل واضرب يا أسد، فنحن نريدهم عبرة للشعوب” !
من السلمية وغصن الزيتون إلى العسكرة والبندقية
الأشهر الأولى للثورة السورية، أثبتت مدى بطش نظام الأسد، الذي لم يكتفِ بشبيحته، ليبدأ بحشد ميليشيا ومرتزقة أجانب
كميليشيا حزب الله اللبناني، ومرتزقة إيرانيون وعراقيون، وكل ذلك بهدف قمع الثورة، وإسكات الحناجر التي تنادي بالحرية.
هنا أدرك ثوار سوريا، أن غصن الزيتون لن يجدِ نفعاً مع معتوه الحكم، فقد حان الوقت لحمل السلاح بوجهه.
وتزامناً مع ذلك، أخذت الانشقاقات تعصف بنظام الأسد، والتي بدأت برتبة المجند، مروراً بضباط رفيعي المستوى، ووصولاً إلى شخصيات دبلوماسية.
فكان أول من أعلن انشقاقه، المجند في الحرس الجمهوري “وليد القشعمي”، وذلك في الثالث والعشرين من أبريل عام 2011.
ليلتحق به الملازم أول “عبدالرزاق طلاس”، وذلك في السابع من يونيو للعام نفسه.
وعقب انشقاق طلاس بيومين فقط، أعلن المقدم “حسين هرموش” انشقاقه، والذي لعب دوراً بارزاً في مواجهة ميليشيا الأسد عسكرياً.
وفي السابع عشر من يوليو 2011, انشق النقيب “رياض أحمد”، قبل أن يعلن العقيد “رياض أسعد” انشقاقه، في 31 يوليو.
فقد ساهم الأسعد بتنظيم الحراك المسلح ضد الأسد، من خلال تشكيل “الجيش السوري الحر”، الذي جمع الثائرين والمنشقين تحت سقف واحد.
وتبعهما آلاف الجنود ومئات الضباط، كالمقدم محمد زوكاري الذي شكل مجلساً عسكرياً في مدينة حمص.
والمقدم عبدالستار اليوسف، والرائد المظلي ماهر النعيمي، وعبدالجبار العكيدي، والنقيب عبدالجبار عباس ومناف طلاس، وغيرهم.
أما على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، فكان رئيس الوزراء السوري “رياض حجاب”، من أبرز المنشقين، والذي انشق بعد عام و4 أشهر من الانتفاضة.
ليتبعه السفير السوري في في العراق “رائد الفارس”، والسفيرة في قبرص “لمياء الحريري”، ثم السفير في الإمارات “عبداللطيف دباغ” وغيرهم.
السوريون يدفعون ثمن التآمر الدولي
كشفت الثورة السورية زيف المجتمع الدولي، الذي تآمر على السوريين بكل ما يملكه من قوة.
ففي أسرٌة مجلس الأمن الدولي، أوهموا السوريين بجلسات طارئة لإدانة الأسد، لكن وبكل بساطة ما منع ذلك طيلة الأعوام الماضية
هو الفيتو الروسي الصيني، كما جرت العادة، وكما هو مخطط له تماماً.
الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة الأقوى في العالم، عجزت عن كبح الأسد، لكن هذا ما تقتضيه المصالح، فهي فوق الشعوب.
بينما روسيا وإيران، تدخلتا عسكرياً لدعم النظام، بينما غاب من يردعهما، إلا عبر المنصات والمنابر الكاذبة الفاضحة.
وأخرى تطبع مع الأسد، بكل وقاحة وعلى مرأى العالم، بينما دماء السوريين التي أريقت لا قيمة لها.
هذا التآمر دفع ثمنه الشعب السوري، بأكثر من 11 مليون لاجئ ما بين الداخل والخارج.
هذا عدا عن أكثر من مليون و 200 ألف معتقل في السجون، ونحو مليون شهيد، ارتقوا في سبيل الحرية المقيٌدة.
على أي حال، هم يراهنون على أن لا سوريا بلا أسد، ولكن هذا الرهان سيخسر يوماً، فتلك قناعة التاريخ.
وهل تتوقعون الهزيمة لشعب واكب كل تلك الكوارث الإنسانية وبقي صامداً ثابتاً متمسكاً بأهدافه؟.
لم ولن تنطفئ شعلة حمزة الخطيب، لطالما أن هناك من يوقدها في سبيل حريته وكرامته.
ولعل لسان حال الثورة يختصر الحكاية بقوله: “سأجمع شتات الثائرين يوماً، وسيتحول تآمركم إلى حسرة عليكم يامعشر الأمم .. أما أنا فلا زال لحلم أبنائي بقية” .