رجال

من المهد إلى اللحد وبكلمات لعلٌَها تنصف تضحيات الأعوام الثمانية .. قصة بلبل الثورة وحارسها الشهيد عبدالباسط الساروت!

من المهد إلى اللحد وبكلمات لعلٌَها تنصف تضحيات الأعوام الثمانية .. قصة بلبل الثورة وحارسها الشهيد عبدالباسط الساروت!

أوطان بوست – فريق التحرير

هو بلبل الثورة وحارسها، وصاحب ذاك الصوت الذي انطلق من حي البياضة الحمصي، فسُمِعَ صداه بين المدن الثائرة.

رمز الكفاح المسلح ضد نظام الأسد، حمل بندقيته للدفاع عن حرية شعب بحث عنها طويلاً، فقاتل وجُرِحَ وحوصر فاستُشهِد.

الشهيد عبدالباسط الساروت

ولد عبدالباسط الساروت، في الأول من شهر يناير عام 1992, في حي البياضة، بمدينة حمص السورية.

تنحدر عائلته من الجولان السوري المحتل، والتي هاجرت إلى حي البياضة، واختارته مكاناً للاستقرار والإقامة فيه.

تلقى الراحل تعليمه الأساسي، في مدارس حمص، إلا أن شغفه بكرة القدم كان أقوى، ما دفعه للانخراط في الرياضة السورية.

فانضم إلى صفوف نادي الكرامة الحمصي، وأصبح حارساً لمرماه، قبل أن يتم اختياره حارساً لمرمى منتخب سوريا لفئة الشباب.

كانت الأنظار تتجه لتعيين الساروت، حارساً لمرمى المنتخب الأول، إلا أن الراحل تخلى عن الحلم، وانحاز إلى واقع ثورة السوريين.

الساروت رمزاً للانتفاضة الشعبية السلمية

لقد كانت نداءات الثائرين للحرية في الساحات، أقوى من نداءات الحلم الذي كاد يتحقق، في تمثيله للمنتخب السوري الأول.

تخلى عن الحلم والمستقبل الموعود، والتحق بركب الثورة السورية، منذ شعلتها الأولى، بينما كان لايبلغ من العمر حينها، سوى 19 عاماً.

صوته الجهوريٌ وحسٌه الثوري العالي، كاد يكون أكبر من سنه بعقود، وإخلاصه لقضيته يعادل وطناً يصارع الأرض على البقاء.

الأمر الذي جعل من الراحل رمزاً للمظاهرات السلمية .. رمزاً بأناشيده التي عرفها كل سوري، فباتت مصدر الإلهام والقوة للملايين.

تصدر صاحب تلك البشرة السمراء الحراك السلمي، الذي آثره على إكمال تعليمه، فضلاً عن فصله من المسار الرياضي في بلاده.

أعطى للحراك السلمي رونقاً خاصاً، بأناشيده التي ألٌفها وأنشدها بصوته العذب، لتتصدر فيما بعد هتافات السوريين.

ولعل من أبرز أناشيده: “جنة جنة ياوطنا، يايما توب جديد، سوريا إجانا رمضان”، وغيرها من الأناشيد.

الحراك المسلٌَح

عمد نظام الأسد وداعميه، إلى قمع المتظاهرين السلميين، واستخدام سياسة العنف، ما دفع الساروت وملايين الثائرين إلى حمل السلاح.

لقد كان الراحل من أوائل حملة السلاح، فأوجع الأسد ببندقيته في ميادين القتال، كما صوته في الحراك السلمي.

رصدت أجهزة الأسد الأمنية، مكافأة قدرها مليوني ليرة سورية، والتي كانت تعادل 35000 دولار حينها، لمن يدلي بمعلومات عن الساروت أو يسلٌمه.

حاول النظام القضاء عليه بشتى الوسائل، فقصف منزله في حي البياضة بشكل مباشر، ما تسبب باستشهاد شقيقه وليد، وعدداً من أقاربه.

وقبل ذلك وتحديداً في الرابع عشر من ديسمبر 2011, تعرض لمحاولة اغتيال، أصيب على إثرها بساقه، ونجا منها بأعجوبة.

شكل الراحل كتيبة شهداء حمص، وسجل مواقفاً لا ينساها السوريون، لعل أبرزها موقعة المطاحن إبان الحصار.

هاجم المطاحن حينها إلى جانب رفاقه، لتأمين مادة الطحين للمحاصرين في حمص، لكن حدث ما لم يكن بالحسبان.

فقد وقع بكمين نصبه النظام له ولمجموعته، ما تسبب بارتقاء أكثر من 40 عنصر من عناصر كتيبته.

بقي الساروت ثابتاً في طريقه، رغم استشهاد خاله محي الدين الساروت, وشقيقه محمد عام 2013, ثم شقيقيه عبدالله وأحمد عام 2014.

في عام 2013, وفي وقت كان يشتد الحصار فيه على أحياء حمص، وارتفعت فيه وتيرة المعارك، بادر تنظيم داعش “حديث الولادة حينها” لخلط الأوراق.

فهاجم نظام الأسد شكلياً، وأرفق ذلك بهجمات ضد بعض فصائل المعارضة، الأمر الذي جعل الدائرة تضيق حول الساروت، في ظل حصاره.

ما دفع الأخير إلى الانضمام للتنظيم، ومبايعته على قتال النظام، وليس على الطاعة، بهدف تأمين السلاح والمؤن لرفاقه المحاصرين.

رفض التنظيم تلك المبايعة، قبل أن يظهر الساروت عام 2015, في تسجيل مصور، أكد فيه عدم مبايعته أي تنظيم.

وشدد حينها على أن هدفه الأول والأخير، هو قتال نظام الأسد، والدفاع عن مبادئ الثورة، وتحرير الأراضي المحتلة.

خرج الساروت إلى تركيا، عقب خروجه والمعارضين من حمص بموجب اتفاق برعاية دولية، وبقي في تركيا لمدة قصيرة، ثم عاد إلى شمالي سوريا.

استشهاده

عقب عودته من تركيا، إلى الشمال السوري، بادر فصيل جيش العزة إلى تعيينه قائداً ميدانياً في صفوفه.

شارك الراحل في معارك عدة، إلى جانب جيش العزة، وفصائل ثورية أخرى، بريف حماه الشمالي، في وقت كانت تشهد فيه المنطقة هجمات متتالية.

وفي السادس من يونيو 2019, أصيب الساروت في معركة “تل ملح” بريف حماه،.ونقل على إثرها إلى تركيا لتلقي العلاج.

وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه السوريون خبراً يؤكد تعافيه، ورد النبأ الذي أبكى قلوب الثائرين وأدماها.

ففي الثامن من شهر يونيو عام 2011, أعلن فصيل جيش العزة، استشهاد عبدالباسط الساروت متأثراً بإصابته.

ليكون ذلك أصدق نهاية، لأصدق بداية مشرٌفة، لبلبل الثورة وحارسها عبدالباسط الساروت، الذي لطالما حلم بتحرير سوريا من الغاصبين.

اقرأ أيضا .. غناها واشتهر بها الراحل عبدالباسط الساروت .. ما أصل أغنية جنة جنة

مقالات ذات صلة