رجال

سيد قطب .. المنظٌر الإسلامي الذي أحدث ثورة في الفكر ورفض عرضاً بالعفو وهو على منصة الإعدام وشكر ربه على الحكم!

سيد قطب .. المنظٌر الإسلامي الذي أحدث ثورة في الفكر ورفض عرضاً بالعفو وهو على منصة الإعدام وشكر ربه على الحكم!

أوطان بوست – فريق التحرير

سيد قطب إبراهيم حسن الشاذلي، منظٌر إسلامي وشاعر وأديب وكاتب مصري، كان من بين الشخصيات التي لها تأثيرها الواضح في المجتمع.

كما واعتُبِر من بين أبرز وأشهر المنظرين للجهات والحركات الإسلامية، وتنسب إليه العديد من المؤلفات والكتب، العميقة في مضمونها ودلالتها.

نشأة سيد قطب وتعليمه

ولد الشاعر والأديب والمنظر الإسلامي سيد قطب، في التاسع من أكتوبر عام 1906, بقرية موشا في محافظة أشيوط بالخديوية المصرية.

ومن المعروف عنه أنه لم يتزوج، والده هو قطب إبراهيم حسن الشاذلي، ووالدته هي فاطمة حسين عثمان.

درس الابتدائية في قريته، ثم أكمل دراسته في مدرسة المعلمين الأولية بالقاهرة، والتي كرمته بشهادة كفاءة للتعليم العالي.

حفظ القرآن الكريم وهو في سن العاشرة، وحاز على درجة البكالوريس في الآداب عام 1932, والتي منحته إياها كلية دار العلوم.

ودرس التربية وأصول المناهج في الولايات المتحدة، بموجب بعثة من وزارة المعارف، في الثالث من نوفمبر عام 1948.

عمل مدرساً في إحدى المدارس مقابل ستة جنيهات فقط، قبل أن ينتقل للعمل مفتشاً في وزارة المعارف عام 1944.

ثم عاد لمزاولة مهنة التدريس لمدة ستة أعوام، ثم مراقباً لمساعد مدير مكتب وزير المعارف لمدة عامين.

وبعد ذلك قدم الراحل استقالته، وذلك بسبب رفض اقتراحاته التي أخذت طابعاً إسلامياً، أو ذات ميول إسلامية.

ما بين القلم والحب

من يقرأ عن سيد قطب، سيدرك تماماً أنه شخص يتمتع بقلب قوي لكنه ذات بنية ضعيفة، ما جعل الشيخ علي الطنطاوي معجباً به.

فتساءل كيف لشخص ذو بنية ضعيفة، تصدر عنه مقالات وكتابات عنيفة، حيث كان قطب يكتب المقالات حينها.

قطب هو ذاك الشخص العنيف في قلمه، لكنه لم يكن هكذا عاطفياً، فهو بالعموم إنسان والإنسان لابد أن يهوى قلبه.

لقد كان حبه مختلفاً بعفته وطهارته، إلا أنه كارثياً بالخواتيم، فالفتاة الأولى التي أحبها تزوجت، ولم تنتظره لينهي دراسته.

أغرم بعدها بفتاة أخرى فخطبها، إلا أنه وفي وقت لاحق من خطبته، اكتشف أنها مغرمة بأحد آخر ففسخ الخطبة.

وبهكذا اختتم قطب مشواره مع الحياة العاطفية، ولم يتعلق بفتاة أخرى، الأمر الذي حال دون زواجه.

الانتماء الفكري

التحق قطب بحزب الوفد، وأصبح من بين أبرز الشخصيات فيه، وذلك بفضل علاقته القوية بعباس محمود العقاد، الذي تأثر به.

وبعد الحرب العالمية الثانية، وجد الراحل أن جماعة الإخوان المسلمين، هي الحركة الأكثر وضوحاً وانتشاراً، بما ينسجم مع تطلعاته.

وبالمقابل سعت الحركة لاستقطاب الطبقة المثقفة، التي تتحلى بكم من الوعي والفكر القويم، فكان قطب على رأس الشخصيات.

وتمثل التعاون الأول بين الإخوان المسلمين وسيد قطب، في كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام.

وبعد أن انتهى الراحل منه أهداه للحركة، الأمر الذي اعتبرته الأخيرة أمراً جيداً، لينضم قطب فيما بعد إليها رسمياً.

كان جمال عبدالناصر يسعى للظفر بقطب، وفي الوقت الذي كان يطمح فيه لذلك، انشق الراحل عن هيئة التحرير والتحق بالإخوان.

ميوله التي تعاكست مع عبدالناصر، تسببت له بالسجن لسنوات طويلة، تعرض خلالها لأنواع متعددة من التعذيب، وأمراض الرئة والمعدة والكلى.

واستخدمت الجماعات السلفية الجهادية كتب قطب، ما دفع بعض الباحثين إلى اعتبار الأخير على أنه منظر للسلفية الجهادية.

للفكر ثمن لابد من سداده

شغل قطب مكانة بارزة في حركة الإخوان المسلمين، وشارك في اجتماعات مجلس ثورة الضباط الأحرار، وشكل الهيئة التأسيسية للحركة.

إلا أنه انفصل عنهم في وقت لاحق، عقب خلاف على آلية تسيير الأمور، قبل أن يُتهم بمحاولة اغتيال جمال عبدالناصر.

فاعتقل على إثرها وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً، لكن ذلك لم يمنعه من تصدير فكره وهو في معتقله.

فأصدر في تلك الفترة كتيب “هذا الدين والمستقبل”، وأكمل كتابه “ظلال القرآن” في التفسير.

وفي مايو عام 1964, أفرج عنه بموجب عفو صحي بسبب تدهور حالته الصحية، وقال عبارته الشهيرة حينها:

إن إقامة النظام الإسلامي، بحاجة إلى جهود في الإعداد والتربية، فهي بالطبعِ لا تتحقق من خلال إحداث انقلاب.

وفي الثلاثين من يونيو 1965, اعتقل شقيقه محمد، فبعث برسالة احتجاج إلى المباحث، ليعتقل هو الآخر في التاسع من أغسطس 1965.

حكم عليه بالإعدام إلى جانب سبعة من الإخوان، وعرض عليه العفو مقابل مدح الثورة آنذاك، إلا أنه رفض ذلك.

وأثيرت الكثير من الروايات والاتهامات حول حكم إعدامه، ومنها: اتهامه بتشكيل جناح سري تحت مسمى 65.

واتهامه بمحاولة اغتيال جمال عبدالناصر، والتحريض على حرق معامل حلوان بهدف إسقاط الحكومة، وغير ذلك من الادعاءات.

وفي جلسة محاكمته، طلب القاضي منه الإدلاء بالحقيقة، فرفع ثوبه عن ظهره، وقال له: هذه آثار الجلد والتعذيب .. هذه الحقيقة.

وعندما سمع القرار الذي تمثل بإعدامه، قال قطب: الحمدلله الذي رزقني الشهادة، بعد 15 عاماً من العمل.

وعند تنفيذ الحكم، وضع على كرسي المشنقة، وقيل له: اعتذر عن الدعوة لتطبيق الشريعة، حتى نصدر عفواً عنك، واطلب الرحمة من الرئيس.

فأجابهم: لن أعتذر عن عملي مع الله، وأنا راض بحكمي إن كان بحق، وإن كان بباطل فحاشى أن أسترحمه.

وقد تم تنفيذ حكم الإعدام بحق سيد قطب، في التاسع والعشرين من أغسطس عام 1966, بسجن الاستئناف في القاهرة.

اقرأ أيضا .. اشتهر بلقب “صوت مكة” وجال بصوته العذب حول العالم وحاز على تكريمات من رؤوساء .. قصة القارئ المصري الراحل عبدالباسط عبدالصمد!

مقالات ذات صلة