موقع أمريكي: الانتخابات الأمريكية ستحدد مستقبل بشار الأسد
أوطان بوست – وكالات
لن يتغير نهج واشنطن تجاه سوريا لكن التوجهات المتباينة تجاه إيران يمكن أن يكون لها تأثير غير مباشر على الاقتصاد السوري ونظام الأسد.
لقد ضرب التأثير الاقتصادي للحـ.ـرب السورية البلاد كما أنه يهدد بجولة جديدة من الاضطرابات.
ونظرًا لتدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل مُشابِه في إيران -وهي الداعم المالي الرئيسي لنظام الأسد التي يتجاوز دعمها حتى دعم روسيا- فقد اضطرت سوريا إلى الاعتماد على مواردها المحدودة.
وللمفارقة فإن بقاء نظام بشار الأسد يعتمد على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/ تشرين الثاني وما سيعنيه هذا للعلاقات الأمريكية الإيرانية.
كان تدهور الاقتصاد السوري إلى حد كبير نتيجة لتدمير البنية التحتية المدنية منذ بداية الحرب في عام 2011 إلى جانب العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة.
في الظروف العادية يتوقع الأسد الاعتماد على إيران للحصول على مساعدة مالية لكن العقوبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في عام 2018 أضرت الاقتصاد الإيراني بشدة لدرجة إجبـ.ـارها على توجيه مواردها المحدودة إلى الداخل وترك النظام السوري يواجه المشاكل الاقتصادية وحده.
بالإضافة لذلك وجهت جائحة الفيروس التاجي ضربة أكبر للاقتصاد الإيراني مما تسبب في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنحو 15 في المائة.
إقرأ أيضاً: إعلاميون سوريون يطلقون حملة منددة بسياسة فيس بوك تجاه الثورة السورية
تمتعت سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا بدعم من الحزبيين في الغالب، وتبنت كل من إدارتَيْ “أوباما” و”ترامب” نهجاً مشابهاً للبلاد من الانخراط في تدخُّلات عسكرية شاملة لهزيمة “تنظيم الدولة” وفرض عقوبات اقتصادية قاسية على نظام الأسد.
لكن رغم أن تدخُّل الولايات المتحدة كان مفيداً في انهيار الاقتصاد السوري إلا أن الأسد اعتمد دائماً على دعم إيران لتعزيز ثرواته.
لهذا السبب، كان للمقاربات المتباينة بين ترامب والرئيس السابق باراك أوباما تجاه إيران أكبر الأثر على الاقتصاد السوري.
تفاوض أوباما على اتفاق نووي مع إيران في عام 2015 ومن بين أمور أخرى، خفف الضغط الاقتصادي بشكل كبير على البلاد.
أدت الاتفاقية إلى إلغاء تجميد العديد من الأصول الأجنبية لإيران وسمح لاقتصادها بالازدهار، وبالتالي منحها القدرة على مواصلة تقديم الدعم لحلفائها في الخارج، بما في ذلك الأسد.
ورحب الأسد وأحد مستشاريه “بثينة شعبان” بالاتفاق وتوقعوا استمرار الدعم المالي الإيراني بسرعة.
لقد كان الدعم الإيراني عاملاً حاسماً في إبقاء نظام الأسد طافياً في خضم الصـ.ـراع واستُخدم هذا الدعم لهـ.ـزيمة كل من “تنظيم الدولة” وقوات المعارضة وإعادة فرض سلطته على أجزاء كبيرة من البلاد.
كما لعبت روسيا دوراً مهماً في سوريا فبالإضافة إلى تقديم الدعم اللوجستي والجوي لقوات الأسد، لعبت موسكو دوراً سياسياً حيوياً من خلال حمايته من أكثر من 14 قراراً من الأمم المتحدة من خلال ممارسة حق النقض (الفيتو) على مجلس الأمن.
ثم كان قرار “ترامب” بالانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات على إيران في 2018 وبعد هذه الخطوة، أفادت وكالة أنباء على صلة وثيقة بالنظام السوري بقطع خط الائتمان من إيران، مما أدى على الفور إلى انهيار قطاع النفط السوري والذي تعتمد عليه البلاد بشدة.
رد النظام السوري على الأزمة الإيرانية بتطبيق إجراءات تقشُّف صارمة؛ فقد أعلن نائب وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في كانون الثاني/ يناير الماضي أن كل أسرة، بغض النظر عن حجمها، ستتلقى 8.8 كغ فقط من السكر و 6.6 كغ من الأرز و 2.2 كغ من الشاي بمعدل مدعوم شهرياً من خلال برنامج “البطاقة الذكية”.
أصدر الأسد أيضاً مرسومين تشريعيين في عام 2019 زادا من راتب المتقاعدين والموظفين العموميين بهدف وضع المزيد من الأموال في جيوب الناس على أمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات وفي نهاية المطاف تحفيز الاقتصاد.
كان منطقه سليماً لكن توجيهاته السياسية كانت مقيدة بنقاط الضعف الكامنة في الاقتصاد.
بالإضافة إلى فقدان رأس المال المادي عزلت العقوبات الاقتصادية سوريا عن السوق الدولية مما حدَّ من قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي، الأمر الذي أدى بدوره إلى إعاقة قدرتها الإنتاجية.
والأهمّ من ذلك فإن قدرة التمويل الذاتي للاقتصاد محدودة، لا سيما أن الأسر السورية اضطرت إلى الاعتماد بشكل متزايد على مدخراتها.
حتى رجال الأعمال الأغنياء في البلاد لم يقدموا سوى القليل من المساعدة فقد قاموا بسحب معظم أموالهم من البنوك السورية وإعادة استثمارها في البلدان المجاورة.
وقد أعاق فقدان النظام لحقول النفط وحظر الولايات المتحدة على تسليم النفط إليه المنفذ الذي تجده البلاد في مواردها الطبيعية.
لذا على الرغم من أن مبادرات سياسة الأسد أعطت المزيد من المال لمزيد من السوريين إلا أنهم لم يتمكنوا من التغلب على مجموعة متنوعة من التحديات التي يواجهها الاقتصاد.
كان البنك المركزي السوري عاجزاً تقريباً بسبب استنفاد إمداداته من العملات الأجنبية والذهب، مما جعله غير قادر على تثبيت سعر الصرف أو تمويل شراء الواردات.
لأن الكثير من الصحة الاقتصادية لدى النظام يتوقف على أخذ الدعم المالي من إيران، فإن مستقبل البلاد -وبالتالي مستقبل بشار الأسد كرئيس- يعتمد على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
إذا فاز ترامب بولاية ثانية، يمكن للسوريين توقُّع الكثير من الشيء نفسه: من المحتمل أن تستمر إدارة ترامب في حملتها القصوى للضغط على طهران مع الحفاظ على عقوبات صـ.ـارمة على البلاد وإجبارها على تركيز مواردها على اقتصادها المتداعي، وكذلك على انهيارها، وسيتزايد الشعور بعدم الرضا العامّ عن النظام.
ومع ذلك إذا فاز المرشح الديمقراطي المفترض “جو بايدن” فمن المحتمل أن تنتقل الولايات المتحدة نحو الدبلوماسية، وتختار التعامل مع إيران، والأهم من ذلك إعادة الدخول في صفقة سلفه النووية.
كجزء من هذه العملية من المحتمل أن ترفع إدارة “بايدن” بعض العقوبات الاقتصادية على إيران، مما يسمح لها مرة أخرى بتركيز مواردها في الخارج.
بطبيعة الحال، فإن الخطر الكامن في مثل هذه الخطوة هو أن الأسد سيتعزز في سوريا، مما يقوض نظام العقوبات الأمريكية هناك، ويقوي إيران في الشرق الأوسط.
ولكنه سيعني أيضاً التخفيف من المظالم العامة وإعادة الاقتصاد السوري إلى مسار الاستقرار.
المفارقة في كل هذا هو أن ما هو جيد للشعب السوري في مناطق النظام جيد أيضاً للأسد على الأقل في الوقت الحالي.
إن التدفق النقدي من إيران سيعزز الأسد بلا شك، مما يسمح له بإعادة بناء شرعيته في الداخل من خلال تخفيف السخط بين السوريين الفقراء.
لن تؤدي رئاسة “ترامب” ولا “بايدن” إلى تخفيف العقوبات الاقتصادية على سوريا، لذا فإن إمكانات النمو في البلاد ستظل محدودة طالما أن الأسد في السلطة.
لكن إذا استطاع النظام الاعتماد مرة أخرى على دعم كبير من إيران فتوقَّعْ أن يتمسك الأسد بزمام السلطة إلى أجل غير مسمى.
المصدر: وكالات + فورين بوليسي + نداء سوريا