الكبتاجون: اقتصاد الظل الذي يربط دمشق بالمافيا الإيطالية ويهز أوروبا

الكبتاجون: اقتصاد الظل الذي يربط دمشق بالمافيا الإيطالية ويهز أوروبا

أوطان بوست – رأي – سالي عبيد

في صيف عام 2020، أثار خبر ضبط السلطات الإيطالية لشحنة ضخمة من الكبتاجون في ميناء ساليرنو اهتماماً دولياً.

بلغت الشحنة 14 طناً من الحبوب المخدرة، قُدرت قيمتها بأكثر من مليار يورو، وكانت معبأة بإحكام داخل بكرات ورق صناعية،

لتكشف عن شبكة دولية معقدة تمتد خيوطها من سوريا إلى أوروبا.

مصدر الشحنة كان سوريا، ما فتح الباب أمام تحقيقات سلطت الضوء على تورط النظام السوري في هذه التجارة المربحة.

تقارير دولية تؤكد أن الكبتاجون أصبح مصدراً حيوياً للدخل بالنسبة للنظام السوري.

تقديرات تشير إلى أن قيمة هذه التجارة تتراوح بين 5.7 و10 مليارات دولار سنوياً، مما يجعلها عنصراً أساسياً في اقتصاد منهك بسبب الحرب والعقوبات الدولية.

يتم إنتاج الكبتاجون بكميات كبيرة في مناطق خاضعة لسيطرة النظام، مثل اللاذقية وريف دمشق،

حيث يدير العملية رجال أعمال مرتبطون بالسلطة يُطلق عليهم “تجار الحرب”.

تُخبأ الشحنات بطرق مبتكرة لتجنب الاكتشاف، وتُصدر إلى أسواق رئيسية في الخليج وأوروبا.

في أوروبا، لعبت المافيا الإيطالية دوراً مهماً في توزيع الكبتاجون، حيث وجدت في هذه التجارة فرصة اقتصادية ضخمة.

سوريا، التي تنتج حوالي 80% من الكبتاجون عالمياً، أصبحت شريكاً مثالياً، بينما عملت المافيا على توزيع الشحنات عبر شبكاتها الواسعة في القارة.

العلاقات بين الجانبين تتجاوز الجانب الاقتصادي، حيث مارست المافيا ضغوطاً على شخصيات سياسية إيطالية

لدفع الحكومة إلى تحسين العلاقات مع النظام السوري، لضمان استمرار هذه التجارة المربحة.

الشخصيات المرتبطة بالشبكة

بينما تتجه الأنظار إلى شخصيات سورية بارزة تدير هذا الاقتصاد المظلم، ظهرت أسماء مثل:

سامر كمال الأسد: قريب للنظام ويُعتقد أنه يدير مصنعاً لإنتاج الكبتاجون في اللاذقية.

عبد اللطيف حميدة: رجل أعمال ونائب رئيس غرفة صناعة حلب، متورط في استخدام مصانع الورق كواجهة لتهريب المخدرات.

راجي فلحوط: زعيم ميليشيا في السويداء يعمل بالتعاون مع المخابرات السورية و”حزب الله”،

ومسؤول عن تهريب الكبتاجون وارتكاب انتهاكات ضد المدنيين.

خلدون حمية: تاجر مخدرات يعمل على ربط معامل إنتاج الكبتاجون في سوريا بشبكات التهريب الدولية، بالتعاون مع الفرقة الرابعة و”حزب الله”.

هذه الشخصيات ليست الوحيدة. تشير تقارير إلى تورط رجال أعمال آخرين مرتبطين بالنظام السوري،

مثل محمد حمشو وسامر فوز وغيرهم، على الرغم من غياب أدلة مباشرة تربطهم بتجارة الكبتاجون.

احتمال تورط هذه الأسماء أو غيرها يبقى قائماً، بالنظر إلى الطبيعة السرية للشبكات التي تدير هذه التجارة.

الكبتاجون: “الذهب الأبيض” في السوق السوداء

حبوب الكبتاجون ليست مجرد مخدر، بل أداة تُستخدم لتحقيق أرباح ضخمة على حساب المجتمعات.

في دول الخليج، تنتشر بشكل واسع بين العمال والشباب، حيث توفر شعوراً بالنشاط واليقظة.

لكن آثارها المدمرة على الصحة العقلية والجسدية تُعمق من الأزمات الفردية والاجتماعية.

في أوروبا، تسببت الضبطيات المتكررة لشحنات الكبتاجون في قلق كبير بشأن توسع هذه التجارة إلى أسواق جديدة، ما أثار مخاوف السلطات من تداعياتها.

الانتهاكات المرتبطة بهذا الاقتصاد

تُدار هذه التجارة وسط انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. يتم تشغيل الأطفال والعمالة القسرية في مصانع الإنتاج، ويُقمع أي معارضة محلية للحفاظ على السيطرة.

تُستخدم عائدات الكبتاجون في تمويل العمليات العسكرية، ما يطيل أمد الصراع ويزيد من معاناة المدنيين.

الفساد الممنهج يلعب دوراً محورياً في تسهيل التهريب، حيث يتم ذلك بتنسيق مع شخصيات نافذة داخل النظام.

الموقف الأوروبي والإيطالي

في الوقت الذي كانت تسعى فيه إيطاليا إلى إعادة فتح قنوات الاتصال مع سوريا، كانت تواجه دعواتها معارضة قوية من دول أوروبية أخرى مثل ألمانيا وفرنسا.

هذه الدول ترى أن أي تخفيف للعقوبات يُعتبر مكافأة لنظام متورط في تجارة المخدرات وانتهاكات حقوق الإنسان.

الجدل الدائر يُظهر مدى تعقيد التعامل مع ملف يرتبط بمصالح سياسية واقتصادية متشابكة، حيث يتداخل التعاون الدولي مع التحديات الأخلاقية والأمنية.

ما تكشفه هذه القصة يتجاوز حدود تجارة المخدرات، حيث تظهر صورة لنظام عالمي مختل تتداخل فيه المصالح السياسية والاقتصادية مع الجريمة المنظمة.

من مصانع الإنتاج في سوريا إلى شوارع التوزيع في أوروبا، تمتد خيوط شبكة تعكس تحديات إنسانية وأخلاقية هائلة.

احتمال وجود أسماء أخرى متورطة يزيد من تعقيد المشهد، مما يجعل الحاجة إلى تحقيقات شاملة ومستقلة أكثر إلحاحاً.

صور ذات صلة:

ضبط شحنة كبتاجون في إيطاليا (2020):

وصف الصورة: تُظهر الصورة حاويات تحتوي على حبوب الكبتاجون التي تم ضبطها في ميناء ساليرنو الإيطالي.

المصدر: العربية

إنتاج الكبتاجون في سوريا:

وصف الصورة: تُظهر الصورة معدات وآلات تُستخدم في تصنيع حبوب الكبتاجون داخل مصنع سري في سوريا.

المصدر: سرايا نيوز

ضبط شحنة كبتاجون في ميناء دمياط (2020):

وصف الصورة: تُظهر الصورة رجال الأمن المصريين بجانب حاويات تحتوي على حبوب الكبتاجون التي تم ضبطها في ميناء دمياط.

المصدر: اليوم السابع

مصنع كبتاجون في دمشق:

وصف الصورة: تُظهر الصورة معدات تصنيع حبوب الكبتاجون داخل مصنع في ضواحي دمشق، تم اكتشافه بعد سقوط النظام.

المصدر: الشرق