قصة سفينة الموت “روسوس” التي سببت انفجـ.ـار مرفأ بيروت .. وخسـائر مليارية وتحرك متأخر
أوطان بوست – فريق التحرير
أشارت التحقيقات والتصريحات التي تداولتها وسائل إعلام عالمية، إلى أن أول بوادر كارثة لبنان بدأت من سفينة الموت “روسوس” التي توقفت في مرفأ بيروت عام 2013.
التايمز الأمريكية نشرت تقريراً مطولاً حول السفينة القـ.ـاتلة، التي جلبت الكارئة على لبنان، حيث ذكرت الصحيفة أنه تم تخزين المواد المحملة عليها في المرفأ عندما حطت رحالها قبل سنوات.
وأضافت الصحيفة؛ أن الباخرة روسوس كانت تدين بمبالغ مالية كبيرة، وكان طاقمها ملاحاً بالبحارة الساخطين، وكانت تعاني من ثقب في أرضيتها، ما يعني أنه يجب ضخ المياه منها باستمرار.
وتحمل السفينة شحنة متطايرة مكونة من نحو 2750 طن من نترات الأمونيوم، وهي مادة قابلة للاشتعال يتم استخدامها في صناعة الأسمدة والقنـ.ـابل، وكانت قادمة من جورجيا ومتجهة إلى موزمبيق.
إقرأ أيضاً: ما حقيقة مشاهد مسلسل “عائلة سمبسون” والتي تحاكي انفجـ.ـار مرفأ بيروت في لبنان (فيديو)
وبحسب موقع “مارين ترافيك” المختص بمراقبة حركة السفن، فإن السفينة وصلت إلى بيروت في نوفمبر 2013 إلى بيروت، وكانت ترفع علم مولدوفيا، وبقيت هناك حتى حصلت الكارثة.
وأشار موقع شيب أريستيد، وهو شبكة تتعامل مع الدعاوى القانونية في قطاع الشحن، في تقرير له عام 2015 أن سفينة روسوس، التي تبحر رافعة علم مولدوفا، رست في بيروت في سبتمبر أيلول 2013.
وهذا عندما تعرضت لمشكلات فنية أثناء الإبحار من جورجيا إلى موزامبيق وهي تحمل 2750 طنا من نترات الأمونيوم.
وذكر الموقع؛ أنه بعد التفتيش، مُنعت السفينة من الإبحار حتى تخلى عنها مالكوها بعد وقت قصير، مما دفع دائنين مختلفين للتقدم بدعاوى قانونية.
إقرأ أيضاً: بالفيديو .. هذا ما حدث داخل مبني BBC في لبنان وقت الانفـ.ـجار أثناء مقابلة مباشرة على الهواء
ولفت الموقع؛ أن ذلك كان بسبب المخـ.ـاطر المتصلة بإبقاء نترات الأمونيوم على متن السفينة، قامت سلطات الميناء بنقل الشحنة إلى مستودعات الميناء، وتم وضعها في العنبر 12 بمرفأ بيروت والمخصص للبضائع المصادرة والعالقة.
فيما رجحت مصادر أمنية، لوكالة فرانس برس، أن تكون روسوس قد مرت على شكل ترانزيت في بيروت، وتم احتجازها من قبل القضاء بعد دعاوي ضدها، ثم إفراغ حمولتها بسبب ثقب في أرضية السفينة.
وتم نقل حمولتها المكونة نترات الأمونيوم إلى العنبر 12 بمرفأ بيروت، حيث ستبقى لسنوات، وحتى يوم الثلاثاء الماضي، قال مسؤولون لبنانيون إنها انفـ.ـجرت ، مما أدى إلى مقـ.ـتل أكثر من 130 شخصًا وإصـ.ـابة 5000 آخرين على الأقل.
وبهذا الشكل فقد قدمت قصة سفينة الموت روسوس، وحمولتها القاتـ.ـلة، حكاية قاتمة حول كيف مهدت المـ.ـعارك القانونية والمشاحنات المالية والإهمال المزمن على ما يبدو المسرح لحـ.ـادث دمر واحدة من أكثر مدن الشرق الأوسط تقديراً.
قائد سفينة الموت روسوس يعلق
التايمز الأمريكية؛ نقلت عن القبطان الروسي المتقاعد “بوريس بروكوشيف” قوله عن الحادث؛ “لقد شعرت بالـ.ـرعب خلال الرحلة إلى بيروت عام 2013.”
وأشارت الصحيفة؛ إلى الغضب الشعبي الحاصل في لبنان بسبب إهمال السلطات التي كانت على علم بالخـ.ـطر الذي يمثله تخزين 2750 طناً من نترات الأمونيوم في مستودع على أرصفة بيروت ، لكنهم فشلوا في التصرف.
الجميع يعرف بوجود نترات الأمونيوم وتحذيرات لم تلقى الاستجابة
ونقلت شبكة “CNN” وفقاً لوثائق حصلت عليها؛ بأن وزارتي النقل والعدل اللبنانيتين، ووزارات أخرى في البلاد، أبلغت عن التخزين الطويل الأمد لشحنة نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت.
وبحسب الشبكة؛ فإن تلك الوثائق تتعلق بمراسلات بالبريد الإلكتروني وسجلات المحكمة، علاوة على البيان الذي أصدره يوم الأربعاء، مكتب المحاماة اللبنانية “بارودي وشركاؤه”، والذي يمثل مصالح طاقم السفينة روسوس.
إقرأ أيضاً: تسجيل صوتي مسرب لحوار بين وليد المعلم ورفيق الحريري قبل أيام من صدور الحكم في قضية اغتـ.ـياله
وأفاد المحامون إنهم أرسلوا في يوليو 2014 رسائل إلى إدارة الميناء ووزارة النقل اللبنانية “تحـ.ـذرهم من خطـ.ـورة المادة الموجودة على متن السفينة.
ووفقاً للشبكة الأمريكية، فقد تلقى مكتب المحاماة في نفس الشهر رسالة من مدير عام النقل البري والبحري تفيد بأنه أرسل طلبا رسميا إلى وزارة العدل لاتخاذ الإجراءات اللازمة “لتفادي غرق السفينة، والتأثيرات الضـ.ـارة لشحنتها على الميناء”.
وجاء في بيان مكتب المحاماة قوله: “أخبرنا (المدير العام) أنه بعث برسالة إلى قيادة القوات البحرية لكي يتخذوا الخطوات اللازمة لإصلاح السفينة ومنعها من الغرق”.
وذكرت “CNN” أنها توجهت إلى وزارتي العدل والنقل اللبنانية بطلب للتعليق، وكذلك إلى إدارة الميناء، لكنها لم تتلق أي رد.
وكتب كبار مسؤولي الجمارك إلى المحاكم اللبنانية ست مرات على الأقل من 2014 إلى 2017 ، يطلبون فيها إرشادات حول كيفية التخلص من نترات الأمونيوم ، وفقًا لسجلات عامة نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي النائب اللبناني سليم عون.
وأعلن وزير الداخلية اللبناني، محمد فهمي، في تصريح تلفزيوني أنه ينوي الاستقالة إذا لم يكشف التحقيق في ملابسات حادث الانفـ.ـجار ببيروت عن المذنبين.
دوامات من الروتين
في ظل كل هذا الإهمال ودوامات العمل الروتيني الحكومي، وقعت الكارثة، حيث أفاد مصدر لوكالة رويترز إن حريقـ.ـا شب في المستودع رقم تسعة بالميناء وامتد إلى المستودع رقم 12 حيث كانت نترات الأمونيوم مخزنة.
وكان هذا أقوى انفـ.ـجار تشهده بيروت، وهي مدينة لا تزال تحمل ندوب الحـ.ـرب الأهلية التي دارت رحاها قبل ثلاثة عقود وتعاني أزمة مالية شديدة تمتد جذورها إلى عقود من الفسـ.ـاد وسوء الإدارة الاقتصادية.
ولفتت منظمة العفو الدولية في بيان جاء فيه “أيا كان سبب الانفـ.ـجار، ومنها احتمال أن يكون ناتجاً عن كمية كبيرة من نيترات الأمونيوم المخزنة بطريقة غير أمنة، تدعو منظمة العفو الدولية إلى وضع آلية دولية.. للتحقيق في ما حدث”.
خسـ.ـائر مليارية وتحرك متأخر
بدأت الحكومة اللبنانية في التحرك للسيطرة على تداعيات الانفـ.ـجار الذي وقع في مرفأ بيروت، حيث صدّقت، الأربعاء، على قرار المجلس الأعلى للدفاع، بإعلان حالة الطوارئ في البلاد.
كما قررت الحكومة، إثر جلسة عقدتها في قصر “بعبدأ” الرئاسي، وضع كل المسؤولين المعنيين بملف المواد المتفـ.ـجرة في المرفأ المنكوب قيد الإقامة الجبرية، إلى حين تحديد المسؤولين عن الحادث، بحسب وكالة الأناضول.
وبدأت الآثار الاقتصادية من جراء انفــ.ـجار بيروت الأضخم في تاريخ البلاد بالظهور تباعاً تزامناً مع الخسائر الإنسانية المرافقة له، والتي وصلت إلى أكثر من 130 قتـ.ـيل ونحو 5000 جريح، وفق آخر الإحصائيات الرسمية.
إقرأ أيضاً: المخابرات الأميركية تؤكد مسؤولية “حزب الله” عن انفـ.ـجار بيروت
وقال مروان عبود محافظ العاصمة اللبنانية بيروت، إن قيمة الأضرار الناجمة عن انفجار المرفأ، بين 10 و 15 مليار دولار بحسب رويترز.
وذكر عبود في تصريحات صحفية، أن “بيروت أصبحت مدينة منكوبة.. نصفها مدمر ومئات آلاف السكان لن يتمكنوا من العودة إلى منازلهم قبل شهرين أو ثلاثة”.
تفصل بمتابعتنا على منصة أخبار جوجل نيوز من هنا، وقناة أوطان بوست على التيلجرام من هنا