ماذا يقف بطريق موسكو لتحقيق نصر دبلوماسي في سوريا .. وهل تضغظ على الأسد للحصول على تنازلات ؟

ماذا يقف بطريق موسكو لتحقيق نصر دوبلوماسي في سوريا .. وهل تضغظ على الأسد للحصول على تنازلات ؟
أوطان بوست – وكالات
قال رجل الأعمال السوري “رامي مخلوف” عبر مقطعاً مصوراً نشره على مواقع التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع: “من كان يعتقد أن عملاء المخابرات سيأتون إلى شركات “رامي مخلوف” ويقبضون على موظفينا ونحن أكبر مؤيد لهذه الوكالات الاستخباراتية؟”.
وقد ألقت ملاحظته العجيبة التي أثارت الجدل في البلاد بعض الضوء على الصـ.ـراع على السلطة حيث تتنافس روسيا وإيران ونظام الأسد على السيطرة.
عندما ظهرت روسيا في الصورة في عام 2015 كانت الإستراتيجية الروسية في ذلك الوقت تعتمد على مبدأ واضح وبسيط: إبقاء الأسد في السلطة والقضاء على المعارضة وتوسيع حكم النظام تحت النفوذ الروسي.

توقعت موسكو أن تحقق هذه الأهداف في غضون أسابيع أو أشهر ولكن تبين أن الواقع أكثر تعقيداً بكثير.
كانت إيران بالفعل لاعباً نشطاً في الحـ.ـرب وسيطر تنظيم الدولة على مناطق كبيرة في شمال شرقي البلاد.
كان على روسيا أن تبني إستراتيجية جديدة تتجاوز استخدام قوتها الجوية لمساعدة قوات النظام لكي تؤتي استثماراتها العسكرية في الميدان ثمارها المالية والدبلوماسية والإستراتيجية.
إقرأ أيضاً: صحيفة مصرية مقربة من السيسي تكشف عن تفاصيل جديدة للإطاحة بـ “بشار الأسد”
بدأت روسيا في دمج الميليشـ.ـيات في جيش الأسد ومن الأمثلة على ذلك قوات النمر، أجبرت روسيا الأسد على إجراء تغييرات أخرى في الجيش مثل استبدال كبار الضباط وتبني التكتيكات الروسية.
وكان الهدف النهائي هو بناء جيش قوي وماهر وسياسي يكون خاضعاً للأسد لكنه يسترشد بروسيا، كما أمر الأسد باعتـ.ـقال اللواء غسان بلال رئيس مكتب شقيقه ماهر.
استثمار إستراتيجي
كجزء من تدخلها في سوريا، بدأت روسيا بفحص طرق للعثور على الدخل والسيـ.ـطرة على الاقتصاد.
في عام 2018 سجَّلت إيران سلسلة من الاتفاقيات التي منحتها حصرياً في اتفاقيات ما بعد الحـ.ـرب، لكن روسيا حصلت على امتيازات لإنتاج النفط والبنية التحتية، لا تزال موسكو تهدف إلى إخراج إيران من مشروع إعادة البناء في سوريا.
أصبح النجاح في سوريا طموحاً إستراتيجياً حيوياً، وبديلاً للتأثير الأمريكي في الشرق الأوسط، لكن روسيا وحدها لا تستطيع الحصول على المبلغ الهائل من رأس المال الذي يقدر بمئات المليارات من الدولارات اللازمة لمشروع إعادة البناء.
والعقبة الرئيسية هي وجود إيران وحزب الله، اللذين يشكلان عقبة أمام الاستثمار الأجنبي من أوروبا والولايات المتحدة بسبب العقوبات.
إقرأ أيضاً: إيدي كوهين يكشف تفاصيل جديدة حول إقالة بشار الأسد من الحكم .. القوى الدولية أبلغت الأسد إقالته
تحتاج روسيا إلى تسريع خروج إيران عن الساحة، هذا هو السبب في أنها تسمح بهجـ.ـمـ.ـات إسرائيلية على القواعد الإيرانية، وهي تفعل ذلك بالتنسيق، ولا غرابة في أنها لم ترد على الغارات الجوية الست المنسوبة إلى إسرائيل في الأسبوعين الماضيين.
ومع ذلك ليست الضـ.ـربات الإسرائيلية وحدها هي التي تسبب التراجع الحالي في القوات الإيرانية في سوريا.
فقد أبعدت روسيا إيران عن الاتفاقات التي وقَّعتها مع تركيا لفرض وقف إطلاق النار في إدلب، كما أنها تبقي الإيرانيين خارج نشاط الشرطة الذي تقوم به الشرطة العسكرية الروسية.
تكتيك المافيا
لزيادة الضغط على الأسد لدفع الخطة الدبلوماسية تطالب روسيا بدفع جزء من النفقات وكما هو الحال في تجارة المافيا عندما لا يملك الهدف نفسه المال فمن المتوقع أن تأتي العائلة لمساعدته.
اقترحت روسيا على الأسد أن يجعل مخلوف يدفع 3 مليارات دولار، وعندما رفض الأخير قائلاً إنه لا يملك المال عرضت روسيا إثباتاً للأسد: مقاطع فيديو نشرها أبناء مخلوف تعرض سياراتهم الفاخرة بجوار منازلهم الفخمة في دبي.
بالنسبة للأسد كانت فرصة لتسوية المشـ.ـكلة مع ابن الخال، ويبدو أن مخلوف بدأ يتصـ.ـارع مع أسماء الأسد التي ترأس لجنة مكلفة بمكـ.ـافحة غسل الأموال وتمت مقاضاة مخلوف بتهمة التهـ.ـرب الضريبي.
وبحسب الاقتباسات التي نشرتها صحيفة “الشرق الأوسط” اليومية ومقرها “ذي دايلي بيست” فإن الأسد لم يعد قادراً على قيادة البلاد فحسب، بل هو يجر موسكو نحو سيناريو مشابه للحرب الأفغانية.
إقرأ أيضاً: عبد الحكيم قطيفان: الجيش الوطني ليس وطنياً.. وقيادي يرد عليه: لايستحقون منك هذه الكلمات وندعوك لزيارتهم ولقائهم
أثارت هذا التكهنات أن روسيا بدأت في التخلص من الأسد من أجل بناء قيادة جديدة من شأنها تنفيذ دستور روسيا المقترح والاعتماد على التكنوقراط الذين يمثلون جميع الفصائل والأعراق.
لكن هذه الرؤية يمكن أن تصبح بعيدة المنال؛ إذ تعرف روسيا جيداً مدى صعـ.ـوبة بناء تحالف مؤلف من ميليشـ.ـيات وحركات وفصائل مختلفة في سوريا.
لم تحل روسيا حتى الآن مشكـ.ـلة إدلب من أجل استكمال سيطرة النظام على كل سوريا، وسيتعين عليها أيضاً أن تنجح في المهمة السحرية المتمثلة في جلب زعيم قوي ومقبول على نطاق واسع بديل للأسد.
من الممكن أيضاً أن تضغط روسيا على الأسد من أجل أن يقدم تنازلات للمعارضة، وهي خطوة رئيسية لتحقيق النصر الدبلوماسي لروسيا.
المصدر: هآرتس + وكالات